responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 387
(الثَّامِنَةُ) حِكَايَةُ رَبِّ الْعِزَّةِ وَالْجَلَالِ لِقَوْلِ رَسُولِهِ الَّذِي خَتَمَ بِهِ النَّبِيِّينَ، وَأَرْسَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، لِهَذَا الصَّاحِبِ الصِّدِّيقِ الْمَكِينِ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا
فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ تَعَالَى وَوَحْيِهِ، لَا مِنْ حُسْنِ ظَنِّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِرَبِّهِ وَاجْتِهَادِ رَأْيِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ اجْتِهَادًا أَقَرَّهُ رَبُّهُ عَلَيْهِ وَحَكَاهُ عَنْهُ، وَجَعَلَهُ مِمَّا يَتَعَبَّدُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، لَكَانَتْ قِيمَتُهُ فِي غَايَتِهِ، بِمَعْنَى مَا كَانَ عَنِ الْوَحْيِ مُنْذُ بِدَايَتِهِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ كَوْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْسِير الْمَعِيَّةِ مِنْ كَوْنِهَا مَعِيَّةً خَاصَّةً مِنْ نَوْعِ الْمَعِيَّةِ الَّتِي أَيَّدَ اللهُ بِهَا مُوسَى وَهَارُوْنَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، إِلَّا أَنَّهَا أَعْلَى فِي ذَاتِهَا وَشَخْصِهَا مِنْ كُلِّ أَفْرَادِ هَذَا النَّوْعِ، فَالْمَعِيَّةُ الْإِلَهِيَّةُ مَعْنًى إِضَافِيٌ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِ وَمُتَعَلِّقِهِ، فَمَعِيَّةِ الْعِلْمِ عَامَّةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (58: 7) وَهِيَ لَا تَشْرِيفَ فِيهَا لِأَهْلِهَا بَلْ هِيَ تَهْدِيدٌ لَهُمْ، وَإِنْذَارٌ بِأَنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ عَلَى كُلِّ مَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ، وَأَنَّهُ سَيُحَاسِبُهُمْ عَلَيْهِ وَيَجْزِيهِمْ بِهِ،: وَأَعْلَى مِنْهَا مَعِيَّتُهُ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ، وَهِيَ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى التَّوْفِيقِ وَاللُّطْفِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَفِيهَا شَرَفٌ عَظِيمٌ، وَأَعْلَى مِنْهَا مَعِيَّتُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، فِي مَقَامِ التَّأْيِيدِ عَلَى الْأَعْدَاءِ الْمُنَاوِئِينَ، وَهِيَ أَعْلَى الْأَنْوَاعِ كَمَا عَلِمْتَ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَحَدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ حَظٌّ مِنْهَا إِلَّا مَا ثَبَتَ لِلصِّدِّيقِ هُنَا.
(التَّاسِعَةُ) إِنْزَالُ اللهِ تَعَالَى سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّفْسِيرِ الْمَنْقُولِ الْمَعْقُولِ، وَهِيَ مَنْقَبَةٌ لَمْ يَرِدْ فِي التَّنْزِيلِ إِثْبَاتُهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ إِلَّا الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَإِنَّمَا وَرَدَ إِثْبَاتُهَا لِجَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ كَانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَائِمًا مُقَامَ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْغَارِ وَسَائِرِ رِحْلَةِ الْهِجْرَةِ الشَّرِيفَةِ فِي خِدْمَةِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَإِنَّمَا نَزَلَ التَّنْوِيهُ بِذَلِكَ فِي أَوَاخِرَ مُدَّةِ الْهِجْرَةِ أَيْ: سَنَةَ تِسْعٍ مِنْهَا، وَقَدْ رَوَيْنَا لَكَ مَا قَالَهُ عَلَيٌّ الْمُرْتَضَى كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ وَغَيْرَهُ مِنْ تَفْضِيلِهِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ قِبَلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُ كَانَ الْمُبَلِّغُ لَهَا عَنِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ.
(الْعَاشِرَةُ) تَأْيِيدُهُ بِجُنُودٍ لَمْ يَرَهَا الْمُخَاطَبُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ الْمَلَائِكَةُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِعَطْفِ جُمْلَةِ التَّأْيِيدِ عَلَى جُمْلَةِ إِنْزَالِ السَّكِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ، وَيَأْتِي فِي هَذَا مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَبْلَهُ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ، وَجَعْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَقَامِ الْمُؤْمِنِينَ كَافَّةً مَعَ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِمْ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) إِثْبَاتُ اللهِ تَعَالَى صُحْبَتَهُ لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي أَعْظَمِ مَوَاطِنِ بَعْثَتِهِ، وَأَطْوَارِ نُبُوَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَدْ سَمَّى أَتْبَاعَهُ فِي عَهْدِهِ أَصْحَابًا تَوَاضُعًا مِنْهُ، وَتَرْبِيَةً لَهُمْ عَلَى احْتِرَامِ جَمِيعِ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ وَمُعَامَلَتِهِمْ بِالْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ، وَإِزَالَةً لِمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنِ احْتِقَارِ بَعْضِ الْقَبَائِلِ لِبَعْضٍ، وَاحْتِقَارِ الْأَغْنِيَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ لِمَنْ دُونَهُمْ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست