responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 361
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ النَّسِيءُ: وَصْفٌ أَوْ مَصْدَرٌ مِنْ نَسَأَ
الشَّيْءَ يَنْسَؤُهُ وَمِنْسَأَةً إِذَا أَخَّرَهُ. وَيُقَالُ: أَنْسَأَهُ بِمَعْنَى نَسَأَهُ أَيْضًا. فَفَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَقَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ، أَيِ: الشَّهْرُ الَّذِي أُنْسِئَ تَحْرِيمُهُ، وَالْمَصْدَرُ كَالْحَرِيقِ، وَالسَّعِيرِ بِمَعْنَى النَّسْءِ وَالْإِنْسَانُ نَفْسُهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ وَرِثَتْ مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ تَحْرِيمَ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ؛ لِتَأْمِينِ الْحَجِّ وَطُرُقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ كَمَا وَرِثُوا مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا فِي الْمَنَاسِكِ، وَفِي تَحْرِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَلَا سِيَّمَا شَهْرُ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا، فَإِنَّهُ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَرْكُ الْقِتَالِ وَشَنُّ الْغَارَاتِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةً، فَأَوَّلُ مَا بَدَّلُوا فِي ذَلِكَ إِحْلَالُ الشَّهْرِ الْمُحَرَّمِ بِالتَّأْوِيلِ، وَهُوَ أَنْ يُنْسِئُوا تَحْرِيمَهُ إِلَى صَفَرٍ، لِتَبْقَى الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَرْبَعَةً كَمَا كَانَتْ، وَفِي ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ وَلِحِكْمَةِ التَّحْرِيمِ مَعًا. وَكَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ نِظَامٌ مُتَّبَعٌ بِأَنْ يَقُومَ رَجُلٌ مِنْ كِنَانَةَ يُسَمَّى الْقُلْمُسُ فِي أَيَّامِ مِنَى حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْحَجِيجُ الْعَامُّ، فَيَقُولُ: أَنَا الَّذِي لَا أُحَابِ
وَلَا أُعَابُ، وَلَا يُرَدُّ قَوْلِي. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي لَا يُرَدُّ لِي قَضَاءٌ. فَيَقُولُونَ: صَدَقْتَ فَأَخِّرْ عَنَّا حُرْمَةَ الْمُحَرَّمِ وَاجْعَلْهَا فِي صَفَرٍ، فَيُحِلُّ لَهُمُ الْمُحَرَّمَ، وَبِذَلِكَ يَجْعَلُ الشَّهْرَ الْحَرَامَ حَلَالًا، ثُمَّ صَارُوا يَنْسِئُونَ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ وَيُسَمُّونَ النَّسِيءَ بِاسْمِ الْأَصْلِ فَتَتَغَيَّرُ أَسْمَاءُ الشُّهُورِ كُلُّهَا، وَأَمَّا قِتَالُهُمْ نَفْسُهُ فَقَدْ كَانَ كُلُّهُ حَرَامًا وَبَغْيًا وَعُدْوَانًا أَوْ ثَأْرًا.
وَفِي كِتَابِ الْأَنْسَابِ لِلْبَلَاذُرِيِّ أَنَّ مِمَّنْ كَانَ يَنْسَأُ الشُّهُورَ لَهُمْ أَبُو ثُمَامَةَ الْقَلَمَّسُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَوْفٍ إِلَخْ. نَسَأَ الشُّهُورَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، وَذَكَرَ مَنْ نَسَأَ قَبْلَهُ مِنْ قَوْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَتْ خَثْعَمُ وَطَيِّئٌ لَا يُحَرِّمُونَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ فَيُغِيرُونَ فِيهَا وَيُقَاتِلُونَ، فَكَانَ مَنْ نَسَأَ الشُّهُورَ مِنَ النَّاسِئِينَ يَقُومُ فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أُحَابِ وَلَا أُعَابُ وَلَا يُرَدُّ مَا قَضَيْتُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست