responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 362
بِهِ، وَإِنِّي قَدْ أَحْلَلْتُ دِمَاءَ الْمُحَلِّلِينَ مِنْ طَيِّئٍ وَخَثْعَمَ فَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إِذَا عَرَضُوا لَكُمْ. (قَالَ) وَأَنْشَدَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ لِبَعْضِ الْقَلَامِسِ
لَقَدْ عَلِمَتْ عُلْيَا كِنَانَةَ أَنَّنَا ... إِذَا الْغُصْنُ أَمْسَى مُورِقَ الْعُودِ أَخَضَرَا
أَعَزُّهُمْ سِرْبًا وَأَمْنَعُهُمْ حِمَى ... وَأَكْرَمُهُمْ فِي أَوَّلِ الدَّهْرِ عُنْصُرًا
وَأَنَّا أَرَيْنَاهُمْ مَنَاسِكَ دِينِهِمْ ... وَحُزْنًا لَهُمْ حَظًّا مِنَ الْخَيْرِ أَوْفَرَا
وَإِنَّ بِنَا يُسْتَقْبَلُ الْأَمْرُ مُقْبِلًا ... وَإِنْ نَحْنُ أَدْبَرْنَا عَنِ الْأَمْرِ أَدْبَرَا
وَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلٍ الطَّعَّانِ:
لَقَدْ عَلِمَتْ مُعَدٌّ أَنَّ قَوْمِي ... كِرَامُ النَّاسِ إِنَّ لَهُمْ كِرَامًا
أَلَسْنَا النَّاسِئِينَ عَلَى مَعَدٍّ ... شُهُورَ الْحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرَامًا
فَأَيُّ النَّاسِ لَمْ نُدْرِكْ بِوَتَرٍ؟ ... وَأَيُّ النَّاسِ لَمْ نُعْلِكْ لِجَامًا؟
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ النَّسِيءَ تَشْرِيعٌ دِينِيٌّ مُلْتَزَمٌ غَيَّرُوا بِهِ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ بِسُوءِ التَّأْوِيلِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى، فَلِهَذَا سَمَّاهُ اللهُ زِيَادَةً فِي الْكُفْرِ، أَيْ أَنَّهُ كُفْرٌ بِشَرْعِ دِينٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ كُفْرِهِمْ بِالشِّرْكِ بِاللهِ تَعَالَى، فَإِنَّ شَرْعَ الْحَلَالِ
وَالْحَرَامِ وَالْعِبَادَةِ حَقٌّ لَهُ وَحْدَهُ، فَمُنَازَعَتُهُ فِيهِ شِرْكُ رُبُوبِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَوَاضِعَ، أَقْرَبُهَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا (31) وَأَنَّهُمْ يُضِلُّونَ بِهِ سَائِرَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَهُمْ فِيهِ، فَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا بِهِ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ وَاطَئُوا فِيهِ عِدَّةَ مَا حَرَّمَهُ اللهُ مِنَ الشُّهُورِ فِي مِلَّتِهِ، وَإِنْ أَحَلُّوا مَا حَرَّمَهُ اللهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مِنْ شَرْعِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا مُجَرَّدَ الْعَدَدِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ بِهَذَا مَنْ يَتَجَرَّءُونَ عَلَى التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ بِآرَائِهِمْ وَتَقَالِيدِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ قَطْعِيٍّ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ؟ .
زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ سُوءَ أَعْمَالِهِمْ بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ الْبَاطِلَةِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يُحَرِّمُونَ الْعَدَدَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللهُ تَعَالَى لَمْ يَنْقُصُوا مِنْهُ شَيْئًا. وَقَدْ أُسْنِدَ التَّزْيِينُ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ إِلَى اللهِ تَعَالَى؛ لِظُهُورِ خَيْرِيَّتِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَفِي بَعْضِهَا إِلَى الشَّيْطَانِ لِوُضُوحِ مَفْسَدَتِهِ، وَفِي بَعْضِهَا إِلَى الْمَفْعُولِ لِإِبْهَامِهِ، وَبَيَّنَّا مُنَاسَبَةَ كُلٍّ مِنْهَا لِلْمَوْضُوعِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ إِلَى حُكْمِهِ فِي أَحْكَامِ شَرْعِهِ، وَبِنَائِهَا عَلَى مَصَالِحِ النَّاسِ، وَإِصْلَاحِ أَفْرَادِهِمْ وَمُجْتَمَعِهِمْ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَإِنَّ هَذِهِ الْهِدَايَةَ الْمُوَصِّلَةَ إِلَى سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ تَوَابِعِ الْإِيمَانِ وَآثَارِهِ كَمَا قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ (10: 9) ، وَأَمَّا الْكَافِرُونَ فَيَتَّبِعُونَ فِيهَا أَهْوَاءَهُمْ وَشَهَوَاتِهِمْ وَمَا يُزَيِّنُهُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ وَهِيَ سَبَبُ الشَّقَاءِ وَدُخُولِ النَّارِ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست