responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 267
الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ بِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ لِأَهْلِ فَارِسَ: أَمَرَنَا نَبِيُّنَا أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ. وَحَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ عَجَمًا أَوْ عَرَبًا، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْعَرَبِ ; لِأَنَّهُمْ شُرِّفُوا بِكَوْنِهِمْ مِنْ رَهْطِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ.
وَلَنَا عُمُومُ الْآيَةِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ
فَأَخَذَ أُكَيْدِرَ دُومَةَ فَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ وَهُمْ عَرَبٌ، وَبَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا وَكَانُوا عَرَبًا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَجَمِ كَانُوا سُكَّانًا بِالْيَمَنِ حِينَ وَجَّهَ مُعَاذًا، وَلَوْ كَانَ لَكَانَ فِي أَمْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِهِمْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَأْمُرُ مَنْ بَعَثَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ أَنْ يَدْعُوَ عَدُوَّهُ إِلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يَخُصَّ بِهَا عَجَمِيًّا دُونَ غَيْرِهِ، وَأَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَغْزُو الْعَرَبَ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ إِجْمَاعٌ فَإِنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَرَادَ الْجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ فَأَبَوْا ذَلِكَ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مِثْلَمَا يَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَحِقُوا بِالرُّومِ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ عِوَضًا عَنِ الْجِزْيَةِ، فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ جِزْيَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ صِفَةِ جِزْيَةِ غَيْرِهِمْ، وَمَا أَنْكَرَ أَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْقَطْعِ وَالْيَقِينِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُوْدِهِمْ كَانُوا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ فِيهَا بِغَيْرِ جِزْيَةٍ، فَثَبَتَ يَقِينًا أَنَّهُمْ أَخَذُوا الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ قَبْلَ تَبْدِيلِ كِتَابِهِمْ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ابْنَ كِتَابِيَّيْنِ أَوِ ابْنَ وَثَنِيِّينِ أَوِ ابْنَ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيٍّ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: مَنْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ بَعْدَ تَبْدِيلِ كِتَابِهِمْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَمَنْ وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ أَحَدُهُمَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَالْآخَرُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ فَهَلْ تُقْبَلُ مِنْهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَلَنَا عُمُومُ النَّصِّ فِيهِنَّ، وَلِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ دِينٍ تُقْبَلُ مِنْ أَهْلِهِ الْجِزْيَةُ فَيُقَرُّونَ بِهَا كَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ إِذَا كَانُوا مُقِيمِينَ عَلَى مَا عُوهِدُوا عَلَيْهِ مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ ; لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ أَيْ: يَلْتَزِمُوا أَدَاءَهَا فَمَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ يَبْقُوا عَلَى إِبَاحَةِ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 267
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست