responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 266
وَلَا ذَبَائِحِهِمْ دَلِيلٌ. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَتَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْمَجُوسِ كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يُعَلَّمُونَهُ وَكِتَابٌ يَدْرُسُونَهُ، وَإِنَّ مَلِكَهُمْ سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى بِنْتِهِ وَأُخْتِهِ فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا صَحَا جَاءُوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ وَدَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ وَقَالَ: أَتَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ آدَمَ وَقَدْ أَنْكَحَ بَنِيهِ بَنَاتِهِ؟ فَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ، قَالَ، فَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَقَاتَلُوا الَّذِينَ يُخَالِفُونَهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحْنَا وَقَدْ أُسْرِيَ بِكِتَابِهِمْ، وَرُفِعَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ فَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبُو بَكْرٍ - وَأُرَاهُ قَالَ: وَعُمَرُ - مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدٌ وَغَيْرُهُمَا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَلَنَا قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: أَنْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا (6: 156) وَالْمَجُوسُ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُهُمْ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَجَالَةَ أَنَّهُ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ لَمَا وَقَفَ عُمَرُ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ مَعَ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَا ذَكَرُوهُ هُوَ الَّذِي صَارَ لَهُمْ
بِهِ شُبْهَةُ الْكِتَابِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا أَحْسَبُ مَا رَوَوْهُ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا مَحْفُوظًا وَلَوْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ لَمَا حَرَّمَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نِسَاءَهُمْ وَهُوَ كَانَ أَوْلَى بِعِلْمِ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَصِحَّ هَذَا مِنْ تَحْرِيمِ نِسَائِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ ; لِأَنَّ الْكِتَابَ الْمُبِيحَ لِذَلِكَ هُوَ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ عَلَى إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّ كِتَابَهُمْ رُفِعَ فَلَمْ يُنْتَهَضْ لِلْإِبَاحَةِ، وَيَثْبُتُ بِهِ حَقْنُ دِمَائِهِمْ.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي حِلِّ ذَبَائِحِهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَيُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ " فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ أَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى زَمَنِنَا هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَا مُخَالِفٍ، وَبِهِ يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمْ، مَعَ دِلَالَةِ الْكِتَابِ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَدِلَالَةِ السُّنَّةِ عَلَى أَخْذِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست