responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 248
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ قِتَالِ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ أَمَرَهُ (تَعَالَى) بِجِهَادِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (8: 39) وَأُنْزِلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَى قَوْلِهِ: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أُعْطَى الْجِزْيَةَ أَهْلَ نَجْرَانَ، قَبْلَ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ بْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حِينَ أَمَرَ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِغَزْوَةِ تَبُوكَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا قَالَ: " يُقَاتَلُ أَهْلُ الْأَوْثَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَيُقَاتَلُ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى الْجِزْيَةِ ".
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَهْلَ هَذِهِ الْجَزِيرَةِ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى الْإِسْلَامِ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ غَيْرَهُ، وَكَانَ أَفْضَلَ الْجِهَادِ، وَكَانَ بَعْدَهُ جِهَادٌ آخَرُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي شَأْنِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ الْآيَةَ (أَقُولُ) وَهَذَا أَصَحُّ وَأَدَقُّ مِمَّا قَبْلَهُ مِنْ رَأْيِ مُجَاهِدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي قِتَالِ الْوَثَنِيِّينَ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ فِي الْحِجَازِ وَالْجَزِيرَةِ، فَقَدْ بَيَّنَّا مِرَارًا أَنَّ سِيَاسَةَ الْإِسْلَامِ فِي عَرَبِ الْجَزِيرَةِ خَاصَّةً بِهِمْ وَبِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَا قَبْلَهَا فِي قِتَالِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَيْسَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِي التَّشْرِيعِ الْحَرْبِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي غَايَتِهِ، وَأَمَّا أَوَّلُ مَا نَزَلَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ بَيَّنَّا مِرَارًا أَنَّهُ آيَاتُ سُورَةِ الْحَجِّ: أُذِنَ لِلَّذِينِ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (22: 39) إِلَخْ. ثُمَّ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا (2: 190) الْآيَاتِ، وَفِي تَفْسِيرِهَا مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا مِنْ أَنَّ الْقِتَالَ الْوَاجِبَ فِي الْإِسْلَامِ إِنَّمَا شُرِعَ لِلدِّفَاعِ عَنِ الْحَقِّ وَأَهْلِهِ وَحِمَايَةِ الدَّعْوَةِ وَنَشْرِهَا، وَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ فِيهِ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: إِنَّ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَتْ كُلُّهَا دِفَاعًا، وَكَذَلِكَ حُرُوبُ الصَّحَابَةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ كَانَ الْقِتَالُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ الْمُلْكِ، وَكَانَ فِي الْإِسْلَامِ مِثَالُ الرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ [رَاجِعْ ص 168 - 170 ج 2 ط الْهَيْئَةِ] وَسَنُفَصِّلُ ذَلِكَ بَعْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ.
قَالَ تَعَالَى: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فَوَصَفَ أَهْلَ
الْكِتَابِ الَّذِينَ بَيَّنَ حُكْمَ قِتَالِهِمْ أَرْبَعَ صِفَاتٍ سَلْبِيَّةٍ هِيَ عِلَّةُ عَدَاوَتِهِمْ لِلْإِسْلَامِ، وَوُجُوبِ خُضُوعِهِمْ لِحُكْمِهِ فِي دَارِهِ ; لِأَنَّ إِقْرَارَهُمْ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، وَحَمْلِ السِّلَاحِ فِيهِ يُفْضِي إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِهِمْ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست