responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 247
بِمِثْلِ قَوْلِهِ: إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ (47: 7) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا سَبَقَ التَّذْكِيرُ بِمَوَاضِعِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ وَغَيْرِهَا. وَإِنَّمَا كَانَ قَيْدُ الْمَشِيئَةِ بِالْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ الْمُصَدَّرَةِ بِ (إِنَّ) وَالْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ الْجَزْمِ بِوُقُوعِ شَرْطِهَا ; لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهَا مِمَّا مَضَتْ سُنَّتُهُ تَعَالَى فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِأَسْبَابٍ كَسَبِيَّةٍ لَابُدَّ مِنْ قِيَامِهِمْ بِهَا، وَتَوْفِيقٍ مِنْهُ تَعَالَى لَا تَتِمُّ بِدُونِهِ مُسَبِّبَاتُهَا، وَكُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مَجْهُولٌ عِنْدَهُمْ لَا يُمْكِنُهُمُ الْقَطْعُ بِحُصُولِهِ، وَحِكْمَةُ إِبْهَامِهِ أَنْ يُوَجِّهُوا هِمَّتَهُمْ إِلَى الْقِيَامِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِ، وَلَمَّا كَانَتْ مَشِيئَتُهُ تَعَالَى تَجْرِي بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ جَعَلَ فَاصِلَةَ الْآيَةِ قَوْلَهُ: إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَيْ: عَلِيمٌ بِمَا يَكُونُ مِنْ مُسْتَقْبَلِ أَمْرِكُمْ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ حَكِيمٌ فِيمَا يَشْرَعُهُ لَكُمْ مِنْ نَهْيٍ وَأَمْرٍ، كَنَهْيِهِ عَنْ قُرْبِ الْمُشْرِكِينَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ (تِسْعَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ) وَنَهْيِهِ قَبْلَهُ عَنِ اتِّخَاذِ آبَائِكُمْ وَإِخْوَانِكُمْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ. وَأَمَرَكُمْ قَبْلَ ذَلِكَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ
انْقِضَاءِ عُهُودِهِمْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعِلْمِهِ بِمَصَالِحِكُمْ وَمَنَافِعِكُمْ وَحِكْمَتِهِ فِيمَا يُشَرِّعُ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَكُمْ، تَامَّانِ كَامِلَانِ مُتَلَازِمَانِ، فَإِذَا عَلِمْتُمْ ذَلِكَ، وَعَلِمْتُمْ مَا شَرَّعَهُ لَكُمْ، وَمَا قَيَّدَ بِهِ وَعْدَهُ بِالْجَزَاءِ عَلَيْهِ، وَالْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ، رَأَيْتُمْ مَشِيئَتَهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوَافِقَةً لِذَلِكَ كُلِّهِ.
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ
كَانَ كُلُّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ فِي أَحْكَامِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي حُكْمِ قِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْغَايَةِ الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا، وَهِيَ تَمْهِيدٌ لِلْكَلَامِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ الرُّومِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالشَّامِ، وَالْخُرُوجِ إِلَيْهَا فِي زَمَنِ الْعُسْرَةِ وَالْقَيْظِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ فَضِيحَةِ الْمُنَافِقِينَ، وَهَتْكِ الْأَسْتَارِ عَنْ إِسْرَارِهِمْ لِلْكُفْرِ، وَمِنْ تَمْحِيصِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يُقَاتِلِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِيهَا الرُّومَ الَّذِينَ خَرَجَ لِقِتَالِهِمْ بِسَبَبِهِ الَّذِي سَيُذْكَرُ بَعْدُ، وَإِنَّمَا حِكْمَةُ وُقُوعِ ذَلِكَ بِبَيَانِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَالتَّنْزِيلِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ مِمَّنْ كَانَتْ تَقَعُ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ قَبْلَ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست