responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 192
وَالزَّكَاةُ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ - وَخَشْيَةُ اللهِ وَحْدَهُ أَعْظَمُ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ وَالْعِبَادَاتِ النَّفْسِيَّةِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْإِيمَانَ بِالرُّسُلِ؛ لِأَنَّ رِسَالَتَهُمْ وَسِيلَةٌ إِلَى هَذِهِ الْمَقَاصِدِ، وَلَا تَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ بِدُونِهَا فَهِيَ تَسْتَلْزِمُهَا، وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ فَرَائِضِهَا، وَمِنْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ لَهَا، وَقَوْلُ الرَّازِيِّ: إِنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ لَا يَبْنِي الْمَسَاجِدَ حَقٌّ كَقَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ: إِنَّ الَّذِي يُزَكِّي لَا يَسْرِقُ. وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا وَذَاكَ فِيمَنْ يَعْمَلُ عَمَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِ اللهِ، وَلَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَبْنِي مَسْجِدًا بِالْمَالِ الْحَرَامِ، وَهُوَ لَا يُصَلِّي، وَإِنَّمَا يَبْنِيهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، أَوْ لِيَجْعَلَ فِيهِ أَوْ فِي قُبَّةٍ بِجَانِبِهِ قَبْرًا لَهُ يُذْكَرُ بِهِ اسْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَيُسَاعِدُ الْجَمْعِيَّاتِ الْخَيْرِيَّةَ وَالْعِلْمِيَّةِ بِالْمَالِ الْحَرَامِ وَيَأْكُلُ الْحَرَامَ، وَلَا يُؤَدِّي جَمِيعَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ مُرَاءٍ يَبْتَغِي بِإِنْفَاقِهِ السُّمْعَةَ وَالصِّيتَ الْحَسَنَ لَا مَثُوبَةَ اللهِ وَمَرْضَاتَهُ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ لَمَّا بَنَى
مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَامَهُ النَّاسُ قَالَ: إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَوْسِيعَ الْمَسْجِدِ كَابْتِدَائِهِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ بِدُونِ وَصْفٍ لِلْمَسْجِدِ، وَرُوِيَ بِلَفْظِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا أَوْسَعَ مِنْهُ وَبِأَلْفَاظٍ أُخْرَى. وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ نَتَّخِذَ الْمَسَاجِدَ فِي دِيَارِنَا، وَأَمَرَنَا أَنْ نُنَظِّفَهَا، وَفِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - وَأَنْ تُطَيَّبَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَيْ تَكْنِسُهُ فَمَاتَتْ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ مَاتَتْ فَقَالَ: " أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهَا؟ " أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي بِمَوْتِهَا لِأُصَلِّيَ عَلَيْهَا دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا " فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَبَعْضِ السُّنَنِ أَيْضًا أَنَّ الْبُزَاقَ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَأَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى نُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا، وَرُئِيَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، فَإِزَالَةُ الْقَذَرِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَتَطْهِيرُهُ وَاجِبٌ، وَاتِّبَاعُ أَثَرِ الْقَذَرِ بِالطِّيبِ مُسْتَحَبٌّ.
وَمِنْهَا فِي الْمَعْنَى الثَّانِي مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا صَلَاةُ الْجَمِيعِ - وَفِي رِوَايَةٍ - الْجَمَاعَةُ تَزِيدُ عَلَى صِلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصِلَاتِهِ فِي سُوقِهِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست