responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 126
(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ) إِنْفَاقُ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ، لِإِعْدَادِ مَا ذُكِرَ إِذْ لَا يَتِمُّ بِدُونِ الْمَالِ شَيْءٌ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَقَدْ كَانَ هَذَا الْإِنْفَاقُ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مَوْكُولًا إِلَى إِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ فِي يُسْرِهِمْ وَعُسْرِهِمْ، كَمَا تَرَى فِي أَخْبَارِ غَزْوَةِ تَبُوكَ الْمُجْمَلَةِ فِي السُّورَةِ الْآتِيَةِ (التَّوْبَةِ) وَالْمُفَصَّلَةِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِظَامٍ فِي هَذَا الْعَصْرِ يَدْخُلُ فِي مِيزَانِيَّةِ الدَّوْلَةِ كَمَا تَفْعَلُ جَمِيعُ الدُّوَلِ ذَاتِ النِّظَامِ الثَّابِتِ، وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ أَنَّ لَهُ سَهْمًا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ قَدْ نَزَلَتْ بَعْدَ الْأَنْفَالِ مُفَصِّلَةً لِكَثِيرٍ مِنْ إِجْمَالِهَا، وَمِنْهُ هَذَا التَّرْغِيبُ الصَّرِيحُ فِي الْإِنْفَاقِ لِإِعْدَادِ الْقُوَى الْعَسْكَرِيَّةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّرْهِيبِ، وَإِنْذَارٌ عَلَى التَّقْصِيرِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمِثْلِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ آيَاتٍ فِي شَرْعِ الْقِتَالِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (2: 195) .
(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ) تَفْضِيلُ السِّلْمِ عَلَى الْحَرْبِ إِذَا جَنَحَ الْعَدُوُّ لَهَا، إِيثَارًا لَهَا عَلَى الْحَرْبِ الَّتِي لَا تُقْصَدُ لِذَاتِهَا، بَلْ هِيَ ضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورَاتِ الِاجْتِمَاعِ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَقِبَ الْأَمْرِ بِإِعْدَادِ كُلِّ مَا تَسْتَطِيعُهُ الْأُمَّةُ مِنْ قُوَّةٍ وَمُرَابَطَةٍ لِإِرْهَابِ عَدُوِّهِ وَعَدُوِّهَا: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا (61) .
وَلَمَّا كَانَ جُنُوحُ الْعَدُوِّ لِلسَّلْمِ قَدْ يَكُونُ خَدِيعَةً لَنَا لِنَكُفَّ عَنِ الْقِتَالِ، رَيْثَمَا يَسْتَعِدُّونَ هُمْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ضُرُوبِ الْخِدَاعِ، وَكَانَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ لَا نَقْبَلَ الصُّلْحَ مِنْهُمْ، مَا لَمْ نَسْتَفِدْ كُلَّ مَا يُمَكِّنُنَا مِنْهُ تَفَوُّقُنَا عَلَيْهِمْ - لَمْ يَعُدَّ الشَّارِعُ احْتِمَالَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ تَرْجِيحِ السَّلْمِ، بَلْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ يُرِيدُوا
أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَهُوَ بُرْهَانٌ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ السَّلَامِ، لَكِنْ عَنْ قُدْرَةٍ وَعِزَّةٍ، لَا عَنْ ضَعْفٍ وَذِلَّةٍ، فَرَاجِعْ تَفْسِيرَ الْآيَتَيْنِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ.
(الْقَاعِدَتَانِ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ) الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ فِي الْحَرْبِ وَالسَّلْمِ، وَتَحْرِيمُ الْخِيَانَةِ فِيهِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا، لِتَحْرِيمِ الْخِيَانَةِ فِي كُلِّ أَمَانَةٍ مَادِّيَّةٍ أَوْ مَعْنَوِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ مُتَعَدِّدَةٌ مُحْكَمَةٌ لَا تَدَعُ مَجَالًا لِإِبَاحَةِ نَقْضِ الْعَهْدِ بِالْخِيَانَةِ فِيهِ وَقْتَ الْقُوَّةِ، وَعَدِّهِ قُصَاصَةَ وَرَقٍ عِنْدَ إِمْكَانِ نَقْضِهِ بِالْحِيلَةِ، حَتَّى إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يُبِحْ لَنَا أَنْ نَنْصُرَ إِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْخَاضِعِينَ لِحُكْمِنَا عَلَى الْمُعَاهِدِينَ مِنَ الْكُفَّارِ كَمَا قَالَ فِي آيَةِ: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ (72) فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِيمَا سَبَقَ لِهَذَا الْجُزْءِ.
وَقَالَ تَعَالَى فِي النَّهْيِ عَنِ الْخِيَانَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ (27) وَتَفْسِيرُهُ فِي (ص533 وَمَا بَعْدَهَا ج 9 ط الْهَيْئَةِ)

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست