responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 125
مِنْ سُنَنِهِ تَعَالَى فِي جَزَاءِ النَّاسِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ، وَالْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ إِسْنَادِ أَفْعَالِهِمْ إِلَيْهِمْ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ السُّنَةِ، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ إِسْنَادِ بَعْضِ أَعْمَالِهِمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَتَصَرُّفِهِ فِيهِمْ فَهُوَ بَيَانٌ لِسُّنَّتِهِ فِي خَلْقِهِمْ كَذَلِكَ، وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ جَرَيْنَا فِي إِبْطَالِ عَقِيدَةِ الْجَبْرِ الَّتِي فُتِنَ بِهَا أَكْثَرُ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَشَوَاهِدُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا كَثِيرَةٌ، رَاجِعْ مِنْهُ فِيهَا تَفْسِيرَ: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ (17) (الْآيَةَ. فِي ص515 وَمَا بَعْدَهَا ج 9 ط الْهَيْئَةِ) . وَتَفْسِيرَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ (24) فِي ص527 وَمَا بَعْدَهَا ج 9 ط الْهَيْئَةِ) .
الْبَابُ السَّابِعُ
(فِي الْقَوَاعِدِ الْحَرْبِيَّةِ الْعَسْكَرِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَفِيهِ 28 قَاعِدَةً)
(تَنْبِيهٌ) وَرَدَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ عِدَّةُ قَوَاعِدَ فِي سِيَاقِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الْمُنَاسِبَةِ لِنَظْمِ الْكَلَامِ، الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْبَلَاغَةُ وَالتَّأْثِيرُ فِي التِّلَاوَةِ لِغَرَضِ الْهِدَايَةِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ لِلدِّينِ، نَذْكُرُهَا فِي تَرْتِيبٍ آخَرَ تَقَدَّمَ فِيهِ الْأَهَمُّ فِي الْمَوْضُوعِ فَالْأَهَمُّ بِحَسَبِ الشُّئُونِ الْحَرْبِيَّةِ فَنَقُولُ: (الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) وُجُوبُ إِعْدَادِ الْأُمَّةِ كُلَّ مَا تَسْتَطِيعُهُ مِنْ قُوَّةٍ لِقِتَالِ أَعْدَائِهَا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَدَدُ الْمُقَاتِلَةِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يَسْتَعِدَّ كُلُّ مُكَلَّفٍ لِلْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فَرْضًا عَيْنِيًّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، يَسْتَدْعِي مَا يُسَمَّى بِالنَّفِيرِ الْعَامِ، وَلَا يُمْكِنُ هَذَا فِي أُمَمِ الْحَضَارَةِ إِلَّا بِمُقْتَضَى نِظَامٍ عَامٍّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ السِّلَاحُ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَحْوَالِ، وَقَدْ كَثُرَتْ أَجْنَاسُهُ وَأَنْوَاعُهُ وَأَصْنَافُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ، فَمِنْهُ الْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ وَالْهَوَائِيُّ وَلِكُلٍّ مِنْهَا مَرَاكِبُ وَسَفَائِنُ لِمُبَاشَرَةِ الْقِتَالِ، وَلِنَقْلِ الْعَسْكَرِ وَالْأَدَوَاتِ وَالزَّادِ وَالسِّلَاحِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّادُ وَنِظَامُ سَوْقِ الْجَيْشِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ الْكَثِيرَةِ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) وُجُوبُ رِبَاطِ الْخَيْلِ، فَإِنَّ مِنْ أَهَمِّ الْقُوَى الْحَرْبِيَّةِ مُرَابَطَةَ الْفُرْسَانِ فِي ثُغُورِ الْبِلَادِ، وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَعَدَمِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، حَتَّى فِي هَذَا الْعَصْرِ الَّذِي كَثُرَتْ فِيهِ مَرَاكِبُ النَّقْلِ الْبُخَارِيَّةُ وَالْكَهْرَبَائِيَّةُ بِأَنْوَاعِهَا، وَالنَّصُّ الْعَامُّ الصَّرِيحُ فِي هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ (60) .
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ الْأَوَّلُ مِنْ إِعْدَادِ هَذِهِ الْقُوَى وَالْمُرَابَطَةِ إِرْهَابَ الْأَعْدَاءِ وَإِخَافَتَهُمْ مِنْ عَاقِبَةِ التَّعَدِّي عَلَى بِلَادِ الْأُمَّةِ أَوْ مَصَالِحِهَا أَوْ عَلَى أَفْرَادٍ مِنْهَا أَوْ مَتَاعٍ لَهَا حَتَّى فِي غَيْرِ بِلَادِهَا، لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ آمِنَةً فِي عُقْرِ دَارِهَا،
مُطَمْئِنَةً عَلَى أَهْلِهَا وَمَصَالِحِهَا وَأَمْوَالِهَا، وَهَذَا مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ هَذَا الْعَصْرِ بِالسِّلْمِ الْمُسَلَّحِ، وَتَدَّعِيهِ الدُّوَلُ الْعَسْكَرِيَّةُ فِيهِ زُورًا وَخِدَاعًا، وَلَكِنَّ الْإِسْلَامَ امْتَازَ عَلَى الشَّرَائِعِ كُلِّهَا بِأَنْ جَعَلَهُ دِينًا مَفْرُوضًا، فَقَيَّدَ الْأَمْرَ بِإِعْدَادِ الْقُوَى وَالْمُرَابَطَةِ بِقَوْلِهِ: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ (60) .

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست