responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 367
أَنِسُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ضَعْفًا فِي الْحَقِّ، كَأَنْ تَرَكُوا الْجَهْرَ بِهِ أَوِ الدِّفَاعَ عَنْهُ خَوْفًا مِنْ إِنْكَارِ الْعَامَّةِ عَلَيْهِمْ وَلَغَطِ النَّاسِ بِهِمْ، فَمَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَعَرَفَ
أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - وَلِيُّ أَهْلِهِ وَنَاصِرُهُمْ، لَا يَخَافُ فِي تَأْيِيدِهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَا يَغْتَرَّنَّ أَحَدٌ بِمَنْ يُسَمِّيهِمُ النَّاسُ عُلَمَاءَ وَعَارِفِينَ فِي سُكُوتِهِمْ عَنِ الْحَقِّ، وَمُجَارَاتِهِمْ لِأَهْلِ الْبَاطِلِ، فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ الْحَقِيقِيِّ، وَإِنْ هِيَ إِلَّا كَلِمَاتٌ يَتَلَقَّفُونَهَا وَعَادَاتٌ يَتَقَلَّدُونَهَا، لَا حُجَّةَ لِلْأَحْيَاءِ فِيهَا سِوَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْمَيِّتِينَ دَرَجُوا عَلَيْهَا.
(قَالَ) : وَلَيْسَ هَذَا هُوَ الْعِلْمَ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَانَ يُلَقَّبُ بِالْعِلْمِ عِنْدَ الضَّالِّينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ كَذَلِكَ، وَقَدْ نُفِيَ عَنْهُ كَوْنُهُ عِلْمًا عَلَى الْحَقِيقَةِ بِمِثْلِ قَوْلِهِ: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) (53: 23) وَبِقَوْلِهِ: (لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (2: 78) فَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ الْقَائِلِينَ، وَاتَّبَعَ مَا وَجَدَ عَلَيْهِ السَّابِقِينَ، بِدُونِ بَيِّنَةٍ يَعْرِفُ بِهَا وَجْهَ الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ، وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَنْظُرُ فِيهِ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، فَقَدِ اتَّبَعَ الْهَوَى بَعْدَ الَّذِي جَاءَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَاءَ بِالْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا، وَبِالنَّكَالِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ وَلَنْ يَكُونَ لَهُ مِنَ اللهِ وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ، اللهُمَّ أَعِنَّا عَلَى الْجَهْرِ بِالْحَقِّ بَعْدَ مَا عَرَفْنَاهُ، وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا.
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ)
الصِّلَةُ بَيْنَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) الْآيَةَ، وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا وَاضِحَةٌ جَلِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ هَذِهِ جَاءَتْ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى مَا سَبَقَهَا مِنْ إِيئَاسِ النَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ آيَةَ: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى) قَدْ سَلَّتْ مَا كَانَ يُخَالِجُ النُّفُوسَ مِنَ الرَّجَاءِ بِإِيْمَانِ أَهْلِ الْكِتَابِ كُلِّهِمْ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَنْطِقُ بِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُرْجَى إِيْمَانُهُ، وَهُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِمَا هُوَ عِلَّةُ الرَّجَاءِ وَمَنَاطُ
الْأَمَلِ، وَهُوَ تِلَاوَةُ كِتَابِهِمْ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَعَدَمُ الْجُمُودِ عَلَى الظَّوَاهِرِ وَالتَّقَالِيدِ، وَالِاكْتِفَاءِ بِالْأَمَانِيِّ وَالظُّنُونِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنْ كَانَتْ نَفْسُكَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست