responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 323
بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ عُلَمَاؤُهُمْ فَقَطْ. وَنَكَّرَ الْحَيَاةَ لِلتَّحْقِيرِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهُمْ شَدِيدُو الْحِرْصِ عَلَى الْحَيَاةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي بُؤْسٍ وَشَقَاءٍ. ثُمَّ خَصَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ بِالذِّكْرِ، عُرِفُوا بِشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى الْحَيَاةِ وَتَمَنِّي طُولِ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِحَيَاةٍ بَعْدَهَا، فَقَالَ: (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) أَيْ أَنَّهُمْ أَحْرَصُ النَّاسِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ حَتَّى
مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا، ثُمَّ بَيَّنَ مِثَالًا مِنْ هَذَا الْحِرْصِ مُسْتَأْنَفًا فَقَالَ: (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) أَيْ يَتَمَنَّى لَوْ يُعَمِّرُهُ اللهُ وَيُبْقِيهِ أَلْفَ سَنَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّ لَفْظَ الْأَلْفِ عِنْدَ الْعَرَبِ مُنْتَهَى أَسْمَاءِ الْعَدَدِ، فَيُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكِتَابِهِ، وَيَتَوَقَّعُ سَخْطَ اللهِ وَعِقَابَهُ فَيَرَى أَنَّ الدُّنْيَا عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْمُنَغِّصَاتِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْآخِرَةِ وَمَا يَتَوَقَّعُهُ فِيهَا. قَالَ - تَعَالَى -: (وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ) أَيْ وَمَا تَعْمِيرُهُ الطَّوِيلُ بِمُزَحْزِحِهِ، أَيْ مُنَحِّيهِ وَمُبْعدُهُ عَنِ الْعَذَابِ الْمُعَدِّ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ، فَإِنَّهُ مَيِّتٌ مَهْمَا طَالَ عُمُرُهُ، وَكُلُّ مَالَهُ حَدٌّ فَهُوَ مُنْتَهٍ إِلَيْهِ (وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَلَوْ عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ لَعَلِمُوا أَنَّ طُولَ الْعُمُرِ لَا يُخْرِجُهُمْ مِنْ قَبْضَتِهِ وَلَا يُنْجِيهِمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ؛ فَإِنَّ الْمَرْجِعَ إِلَيْهِ، وَالْأَمْرَ كُلَّهُ بِيَدَيْهِ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: (وَمَا هُوَ) مُبْهَمٌ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ كَمَا اخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ " مَا " حِجَازِيَّةٌ وَالضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى (أَحَدُهُمْ) اسْمُهَا، وَ (بِمُزَحْزِحِهِ) خَبَرُهَا، وَالْبَاءَ زَائِدَةٌ فِي الْإِعْرَابِ، وَ (أَنْ يُعَمَّرَ) فَاعِلُ مُزَحْزِحِهِ.
(قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)
الْكَلَامُ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ ذِكْرِ تَعِلَّاتِ الْيَهُودِ وَاعْتِذَارِهِمْ عَنْ عَدَمِ الْإِيْمَانِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، زَعَمُوا أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ بِكِتَابٍ وَلَا حَاجَةَ لَهُمْ بِهِدَايَةٍ فِي غَيْرِهِ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْقُضُ دَعْوَاهُمْ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ نَاجُونَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ شَعْبُ اللهِ وَأَبْنَاؤُهُ، فَأَبْطَلَ زَعْمَهُمْ، ثُمَّ
ذَكَرَ لَهُمْ تَعِلَّةً أُخْرَى أَغْرَبَ مِمَّا سَبَقَهَا، وَفَنَّدَهَا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 323
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست