responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 179
جَمِيعِ النَّاسِ، وَقَدْ قَامَ فِي هَذِهِ السِّنِينَ بَعْضُ كِبَارِ رِجَالِ الدِّينِ فِي بِلَادِ الْإِنْكِلِيزِ يَكْتُبُونَ فِي الْجَرَائِدِ مَا قَرَّرُوهُ فِي جَمْعِيَّاتِ الْكَنَائِسِ مِنْ أَنَّ الْإِنْجِيلَ لَا يُثْبِتُ أُلُوهِيَّةَ الْمَسِيحِ، وَقَدْ نَشَرْنَا بَعْضَ مَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ فِي الْجَرَائِدِ الْإِنْكِلِيزِيَّةِ مِنْ هَذِهِ التَّحْقِيقَاتِ، وَسَنَنْشُرُ غَيْرَهُ فِي مَجَلَّتِنَا الْإِسْلَامِيَّةِ (الْمَنَارِ) .
وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ مُسْتَقِلِّي الْفِكْرِ مِنْ أَهْلِ أُورُبَّا بَيْنَ مُؤْمِنٍ بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ حَقِيقَةِ أَمْرِ الْمَسِيحِ، وَهُوَ أَنَّهُ بَشَرٌ مُمْتَازٌ بِرُوحٍ قُدُسِيَّةٍ مِنَ اللهِ وَنَبِيٌّ لَهُ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَبَيْنَ كَافِرٍ بِهِ. وَأَمَّا عَقِيدَةُ الْكَنِيسَةِ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ فَهِيَ مَحْصُورَةٌ فِي رِجَالِهَا وَعَامَّةِ الْمُقَلِّدِينَ لَهُمْ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي قِسِّيسٌ كَبِيرٌ مِنَ الْكَاثُولِيكِ حَرَمَتْهُ الْكَنِيسَةُ وَأَخْرَجَتْهُ مِنْ طُغْمَةِ كَهَنَتِهَا أَنَّ كِبَارَ عُلَمَائِهَا مُوَحِّدُونَ كَالْمُسْلِمِينَ، وَلَوْلَا خَشْيَةُ ارْتِدَادِ الْعَوَامِّ لَصَرَّحُوا بِالتَّوْحِيدِ وَبِنَفْيِ التَّثْلِيثِ كَبَعْضِ قَسَاوِسَةِ الْبُرُوتِسْتَنْتِ.
وَلَا يَزَالُ الْمُوَحِّدُونَ يَكْثُرُونَ فِي أُورُبَّا وَالْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْأَمِيرِيكَانِيَّةِ عَامًا بَعْدَ عَامٍ، وَيَقْرُبُونَ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ (اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهُمْ سَوْفَ يَفْعَلُونَ) .
فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ هَذِهِ الْحَقَائِقُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأُمِّيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً عَاشَ مُعْظَمَهَا فِي عُزْلَةٍ عَنِ الْعَالَمِ وَعُلُومِهِ، رَعَى فِي أَوَائِلَهَا الْغَنَمَ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَشِعَابِهَا، وَاتَّجَرَ فِي أَثْنَائِهَا سِنِينَ قَلِيلَةً قَلَّمَا كَانَ يُعَاشِرُ فِيهَا أَحَدًا؟ وَهِيَ الَّتِي ظَلَّ الْمُسْلِمُونَ يَجْهَلُونَ مُرَادَ الْقُرْآنِ مِنْهَا بِالتَّحْقِيقِ وَالتَّفْصِيلِ حَتَّى بَعْدَ فَتْحِهِمْ لِلْعَالِمِ وَاطِّلَاعِهِمْ عَلَى عُلُومِهِ وَتَوَارِيخِهِ، إِلَى أَنْ وَصَلَ عِلْمُ التَّارِيخِ وَغَيْرُهُ إِلَى الدَّرَجَةِ الْمَعْرُوفَةِ!
كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَلَاحِدَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ يَرَوْنَ أَنَّ أَكْبَرَ الشُّبُهَاتِ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَصَصِ الرُّسُلِ وَأَقْوَامِهِمْ حُسْبَانُهَا مُقْتَبَسَةً مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ عِنْدَ الْقَوْمِ، وَمِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّقَالِيدِ وَالْمَذَاهِبِ، بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَهَا مِنْ بَعْضِهِمْ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ بِالتِّجَارَةِ إِلَى الشَّامِ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ مَا خَالَفَ تِلْكَ الْكُتُبَ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ خَطَأً سَبَبُهُ عَدَمُ جَوْدَةِ الْحِفْظِ أَوْ خَطَأً مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ مِنْهُمْ أَوْ تَعَمُّدًا مِنْهُمْ لِغِشِّهِ، كَمَا غَشَّ بَعْضُ الْيَهُودِ الَّذِينَ ادَّعَوُا الْإِسْلَامَ خِدَاعًا بَعْضَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ بِأَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ أَدْخَلُوهَا فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَكُتُبِ الْوَعْظِ وَالرَّقَائِقِ.
وَكَانَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى دَحْضِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلَقَّى كُلَّ هَذِهِ الْقِصَصِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى الشَّامِ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ أَوِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَا فِي رِحْلَتِهِ مَعَ مَيْسَرَةَ مَوْلَى خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَهُوَ وَإِنْ كَانَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست