responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 277
الْأَيَّامِ، حَتَّى رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: صُمْنَا خَمْسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْعَجَمُ تُخَالِفُ فِي ذَلِكَ، فَتَحْسِبُ بِالْأَيَّامِ لِأَنَّ مُعَوَّلَهَا عَلَى الشَّمْسِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَحِسَابُ الشَّمْسِ لِلْمَنَافِعِ، وَحِسَابُ الْقَمَرِ لِلْمَنَاسِكِ، وَلِهَذَا قَالَ:" وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً". فَيُقَالُ: أَرَّخْتُ تاريخا، وورخت توريخا، لغتان. قوله تعالى: (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) الْمَعْنَى: وَقَالَ مُوسَى حِينَ أَرَادَ الْمُضِيَّ لِلْمُنَاجَاةِ وَالْمَغِيبَ فِيهَا لِأَخِيهِ هَارُونَ: كُنْ خَلِيفَتِي، فَدَلَّ عَلَى النِّيَابَةِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ حِينَ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي). فَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الرَّوَافِضُ وَالْإِمَامِيَّةُ وَسَائِرُ فِرَقِ الشِّيعَةِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ عَلِيًّا عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، حَتَّى كَفَّرَ الصَّحَابَةَ الْإِمَامِيَّةُ- قَبَّحَهُمُ اللَّهُ- لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُمْ تَرَكُوا الْعَمَلَ الَّذِي هُوَ النَّصُّ عَلَى اسْتِخْلَافِ عَلِيٍّ وَاسْتَخْلَفُوا غَيْرَهُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْهُمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَّرَ عَلِيًّا إِذْ لَمْ يَقُمْ بِطَلَبِ حَقِّهِ. وَهَؤُلَاءِ لَا شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ وَكُفْرِ مَنْ تَبِعَهُمْ عَلَى مَقَالَتِهِمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ هَذَا اسْتِخْلَافٌ فِي حَيَاةٍ كَالْوَكَالَةِ الَّتِي تَنْقَضِي بِعَزْلِ الْمُوَكَّلِ أَوْ بِمَوْتِهِ، لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُتَمَادٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَيَنْحَلُّ عَلَى هَذَا مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْإِمَامِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدِ اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَغَيْرَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ اسْتِخْلَافُهُ دَائِمًا بِالِاتِّفَاقِ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ هَارُونُ شُرِّكَ مَعَ مُوسَى فِي أَصْلِ الرِّسَالَةِ، فَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهِ عَلَى مَا رَامُوهُ دَلَالَةٌ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلْهِدَايَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَأَصْلِحْ" أَمْرٌ بِالْإِصْلَاحِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ مِنَ الْإِصْلَاحِ أَنْ يَزْجُرَ. السَّامِرِيَّ وَيُغَيِّرَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: أَيِ ارْفُقْ بِهِمْ، وَأَصْلِحْ أَمْرَهُمْ، وَأَصْلِحْ نَفْسَكَ، أَيْ كُنْ مُصْلِحًا. وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ أَيْ لَا تَسْلُكْ سَبِيلَ العاصين، ولا تكن عونا للظالمين.

اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 277
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست