responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 78
ابن عَرْعَرة قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى عَليّ فَقَالَ: أَلَا تُحَدِّثني عَنِ الْبَيْتِ: أَهْوَ أولُ بَيْتٍ وُضِع فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ [1] لَا وَلَكِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِيهِ الْبَرَكَةُ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا. وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ فِي كَيْفِيَّةِ بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ الْبَيْتَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُستَقصًى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فأغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ [2] .
وَزَعَمَ السُّدِّي أَنَّهُ أولُ بَيْتٍ وُضِعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُطْلَقًا. والصحيحُ قولُ علِيّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] [3] فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ فِي [4] كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعة، عَنْ يَزيد بْنِ أَبِي حَبيب، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا: "بَعَثَ اللهُ جِبْرِيلَ إلَى آدَمَ وحَوَّاءَ، فَأمَرَهُمَا بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ، فَبَنَاهُ آدَمُ، ثُمَّ أمَرَ بِالطَّوَافِ بِهِ، وَقِيلَ لَهُ: أنْتَ أوَّلُ النَّاسِ، وهَذَا أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ للنَّاسِ" [5] فإنَّهُ كَمَا تَرَى مِنْ مُفْرَدَاتِ ابْنِ لَهِيعة، وَهُوَ ضَعِيفٌ. والأشْبَهُ، وَاللَّهُ أعلمُ، أَنْ يَكُونَ هَذَا مَوْقُوفا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو. وَيَكُونُ مِنَ الزَّامِلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ [6] أَصَابَهُمَا يَوْمَ الْيَرْمُوك، مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ} بَكَّة: مِنْ أَسْمَاءِ مَكَّةَ عَلَى الْمَشْهُورِ، قِيلَ [7] سُمِّيت بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَبُكّ أَعْنَاقَ الظَّلَمَةِ وَالْجَبَابِرَةِ، بِمَعْنَى: يُبَكون [8] بِهَا وَيَخْضَعُونَ عِنْدَهَا. وَقِيلَ: لِأَنَّ النَّاسَ يَتَبَاكّون فِيهَا، أَيْ: يَزْدَحِمُونَ.
قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ اللَّهَ بَكَّ بِهِ النَّاسَ جَمِيعًا، فَيُصَلِّي [9] النِّسَاءُ أَمَامَ الرِّجَالِ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِبَلَدٍ غَيْرِهَا.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وعَمْرو بْنِ شُعَيب، ومُقاتل بْنِ حَيَّان.
وَذَكَرَ حَمّاد بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عن ابن عباس قال: مَكَّة مِنَ الْفَجِّ إِلَى التَّنْعِيمِ، وَبَكَّةُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْبَطْحَاءِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: بَكَّة: الْبَيْتُ وَالْمَسْجِدُ. وَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْران: الْبَيْتُ وَمَا حَوْلَهُ بَكَّةُ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مَكَّةُ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النّخَعي، وَعَطِيَّةُ [العَوْفي] [10] وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: بَكَّةُ مَوْضِعُ الْبَيْتِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَكَّةُ.
وَقَدْ ذَكَرُوا لِمَكَّةَ أَسْمَاءً كَثِيرَةً: مَكَّةَ، وَبَكَّةَ، وَالْبَيْتَ الْعَتِيقَ، وَالْبَيْتَ الْحَرَامَ، وَالْبَلَدَ الْأَمِينَ، وَالْمَأْمُونَ، وأُمَّ رُحْم، وَأُمَّ القُّرَى، وَصَلَاحَ، والعرْش عَلَى وَزْنِ بَدْرٍ، وَالْقَادِسَ؛ لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَالْمُقَدَّسَةَ، وَالنَّاسَّةَ: بِالنُّونِ، وَبِالْبَاءِ أَيْضًا، وَالْحَاطِمَةَ، والنسَّاسة [11] وَالرَّأْسَ، وكُوثى، والبلدة، والبَنِيَّة، والكعبة.

[1] في ر، أ، و: "فقال".
[2] تفسير ابن أبي حاتم (2/403) .
[3] زيادة من أ، و.
[4] في أ، و: "من".
[5] دلائل النبوة للبيهقي (2/45) وقال البيهقي: "تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعا".
[6] في أ: "اللذين".
[7] في ر: "وقيل".
[8] في و: "يذلون".
[9] في جـ، ر: "فتصلي".
[10] زيادة من جـ، أ، و.
[11] في جـ، ر: "النساسة والحطامة".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست