responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 407
فَقَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا أَتَيْتُ عَمِّي بِالسِّلَاحِ وَكَانَ شَيْخًا، قَدْ عَشَا أَوْ عَسَا -الشَّكُّ مِنْ أَبِي عِيسَى -فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكُنْتُ أَرَى إِسْلَامَهُ مَدْخُولًا فَلَمَّا أَتَيْتُهُ بِالسِّلَاحِ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صَحِيحًا، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بُشَيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ، فَنَزَلَ عَلَى سُلافةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ سُمَية، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا. إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا} فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ رَمَاهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِأَبْيَاتٍ مِنْ [1] شِعْرِهِ، فَأَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ فَرَمَتْ بِهِ فِي الْأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَتْ: أهديتَ لِي شِعْر حَسَّانَ؟ مَا كنتَ تَأْتِينِي بِخَيْرٍ.
لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيِّ: وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَير وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَر بْنِ قَتَادَةَ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَنْ [2] أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ حَاتِمٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، بِهِ بِبَعْضِهِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ -يَعْنِي الصَّائِغَ -حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أحمد ابن أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ -فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ وَالْحَسَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، كِلَاهُمَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أحمد بن أبي شعيب الحراني، عن محمد بْنِ سَلَمَةَ، بِهِ. ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: سَمِعَ مِنِّي هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ [3] .
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ "الْمُسْتَدْرَكِ" عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ العُطاردي، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَير، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ -بِمَعْنَاهُ أَتَمَّ مِنْهُ، وَفِيهِ الشِّعْرُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ [4] .
وَقَوْلُهُ: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ [وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ] [5] } الْآيَةَ، هَذَا إِنْكَارٌ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي كَوْنِهِمْ يَسْتَخْفُونَ بِقَبَائِحِهِمْ مِنَ النَّاسِ لِئَلَّا يُنْكِرُوا عَلَيْهِمْ، وَيُجَاهِرُونَ اللَّهَ بِهَا لِأَنَّهُ [6] مُطَّلِعٌ عَلَى سَرَائِرِهِمْ وَعَالَمٌ بِمَا فِي ضَمَائِرِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} تَهْدِيدٌ لَهُمْ وَوَعِيدٌ.
ثُمَّ قَالَ: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا] [7] } أَيْ: هَبْ أَنَّ هَؤُلَاءِ انْتَصَرُوا فِي الدُّنْيَا بِمَا أَبْدَوْهُ أَوْ أبدى لهم عند الحكام الذين

[1] في ر: "في".
[2] في أ: "غير".
[3] سنن الترمذي برقم (3036) وتفسير الطبري (9/177) وانظر: حاشية الشيخ أحمد شاكر في كلامه على هذا الحديث (9/181) .
[4] المستدرك (4/385 - 388) ووافقه الذهبي.
[5] زيادة من ر، أ.
[6] في أ: "فإنه".
[7] زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 407
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست