responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 406
حَاجَةٍ وَفَاقَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ [1] مِنَ الشَّامِ مِنَ الدَّرْمَك ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهَا فَخَصَّ بِهَا نَفْسَهُ، وَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَقَدِمَتْ ضَافطة [2] مِنَ الشَّامِ، فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ فَحَطَّهُ فِي مَشْربة لَهُ، وَفِي الْمَشْرَبَةِ سِلَاحٌ: دِرْعٌ وَسَيْفٌ، فَعُدى عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْبَيْتِ، فَنقّبت الْمَشْرَبَةُ وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ. فَنُقِبَتْ مَشْرَبَتُنَا وَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا. قَالَ: فَتَجَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا، فَقِيلَ لَنَا: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرق اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَلَا نَرَى فِيمَا نَرَى إِلَّا عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ.
قَالَ: وَكَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ قَالُوا -وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ -: وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلَّا لَبِيد بْنَ سَهْلٍ رَجُلًا مِنَّا لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ. فَلَمَّا سَمِعَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ وَقَالَ: أَنَا أَسْرِقُ؟ وَاللَّهِ [3] لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ، أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ. قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَمَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا. فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ نَشُكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا.
فَقَالَ لِي عَمِّي: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ أتيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَلْتُ: إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهَّلُ جَفَاءٍ عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ، فنَقَبوا مُشْرَبَةً لَهُ، وَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ. فَلْيردوا عَلَيْنَا سِلَاحَنَا، فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ [4] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "سآمُرُ فِي ذَلِكَ".
فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو أُبَيْرق أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أُسَير بْنُ عمْرو [5] فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَتَادَةَ [6] بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمِدَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ، يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبْتٍ. قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: "عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ ذُكر مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ، تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْرِ ثَبَت وَلَا بَيِّنَةٍ؟ [7] ؟
قَالَ: فَرَجَعْتُ ولَوَدِدت أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي، وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا صَنَعْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ: {إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} بَنِي أُبَيْرِقٍ {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ [إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا. يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ] [8] } إِلَى قَوْلِهِ: {رَحِيمًا} أَيْ: لَوِ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ لَغَفَرَ لَهُمْ {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِثْمًا مُبِينًا} قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّلَاحِ فردَّه إِلَى رِفَاعَةَ.

[1] في د: "غير"، وفي ر: "صافطة".
[2] في د: "غير"، وفي ر: "صافطة".
[3] في أ: "فوالله".
[4] في د: "رسول الله".
[5] في د، أ: "ابن عروة".
[6] في أ: "قدادة".
[7] في أ: "ثبت وبينة".
[8] زيادة من ر، أ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 406
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست