responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 228
بمُصْمَت. قَالَ: ثُمَّ يَدْخُلُ فِي فِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ، وَيَدْخُلُ مِنْ [1] دُبُرِهِ، وَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ. ثُمَّ يَقُولُ: لَسْتَ شَيْئًا -لِلصَّلْصَلَةِ-وَلِشَيْءٍ مَا خُلِقْتَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْكَ لَأُهْلِكَنَّكَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيَّ لأعْصيَنَّك. قَالَ: فَلَمَّا نَفَخَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، أَتَتِ النَّفْخَةُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَجَعْلَ لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْهَا فِي جَسَدِهِ إِلَّا صَارَ لَحْمًا وَدَمًا، فَلَمَّا انْتَهَتِ النَّفْخَةُ إِلَى سُرَّته نَظَرَ إِلَى جَسَدِهِ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ جَسَدِهِ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكَانَ [2] الإنْسَانُ عَجُولا} قَالَ: ضَجِرٌ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى سَرَّاءَ وَلَا ضَرَّاءَ. قَالَ: فَلَمَّا تَمَّتِ النَّفْخَةُ فِي جَسَدِهِ عَطَسَ، فَقَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" بِإِلْهَامِ اللَّهِ. فَقَالَ [اللَّهُ] [3] لَهُ: "يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمَ ([4]) ". قَالَ ثُمَّ قَالَ [اللَّهُ] [5] تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ خَاصَّةً دُونَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاوَاتِ: اسْجُدُوا لِآدَمَ. فَسَجَدُوا كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ، لِمَا كَانَ حَدَّثَ نَفْسَهُ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ. فَقَالَ: لَا أَسْجُدُ لَهُ، وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَأَكْبَرُ سِنًّا وَأَقْوَى خَلْقًا، خَلَقْتَنِي [6] مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ. يَقُولُ: إِنَّ النَّارَ أَقْوَى مِنَ الطِّينِ. قَالَ: فَلَمَّا أَبَى إِبْلِيسُ أَنْ يَسْجُدَ أَبْلَسَهُ اللَّهُ، أَيْ: آيَسَهُ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا عُقُوبة لِمَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ عَلَّم آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا، وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي يَتَعَارَفُ بِهَا النَّاسُ: إِنْسَانٌ وَدَابَّةٌ وَأَرْضٌ وَسَهْلٌ وَبَحْرٌ وَجَبَلٌ وَحِمَارٌ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمَمِ وَغَيْرِهَا. ثُمَّ عَرَضَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ، يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ، الَّذِينَ خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ، وَقَالَ لَهُمْ: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ} يَقُولُ: أَخْبِرُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لِمَ أَجْعَلُ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. قَالَ: فَلَمَّا عَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ مَوْجِدَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَكَلَّمُوا بِهِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ قَالُوا: سُبْحَانَكَ، تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ يَعْلَمُ الْغَيْبَ غَيْرَهُ، وَتُبْنَا إِلَيْكَ {لَا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا} تَبَرِّيًا مِنْهُمْ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا كَمَا عَلَّمْتَ آدَمَ، فَقَالَ: {يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} يَقُولُ: أَخْبِرْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ} [يَقُولُ: أَخْبَرَهُمْ] [7] {بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} أَيُّهَا الْمَلَائِكَةُ خَاصَّةً {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} وَلَا يَعْلَمُ غَيْرِي {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} يَقُولُ: مَا تُظْهِرُونَ {وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} يَقُولُ: أَعْلَمُ السِّرَّ كَمَا أَعْلَمُ الْعَلَانِيَةَ، يَعْنِي: مَا كَتَمَ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ [8] .
هَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِ أَشْيَاءُ فِيهَا نَظَرٌ، يَطُولُ مُنَاقَشَتُهَا، وَهَذَا الْإِسْنَادُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يُرْوَى بِهِ تَفْسِيرٌ مَشْهُورٌ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -وَعَنْ مُرّة، عن ابن

[1] في ب: "في".
[2] في هـ: "وخلق"، والمثبت من باقي النسخ، وهو الصواب.
[3] زيادة من أ، و:
[4] في جـ: "يرحمك يا آدم ربك".
[5] زيادة من جـ.
[6] في جـ: "فخلقتني".
[7] زيادة من أ، و.
[8] تفسير الطبري (1/455) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست