responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 212
[سورة الأنعام]

فاتحة سورة الأنعام
لا يخفى على المستضيئين المستنيرين من اشعة نور الوجود اللائح عن مشكوة العدم التي هي عبارة عن طلسمات التعينات وشباك الهويات الظاهرة في عالم الكون والفساد المنعكسة من آثار الأسماء والصفات ان سر ظهور كمالات الوجود من سراب العدم انما هو لغاية جلاء الوجود وصفائه الى حيث لم يدرك لو لم يكن في مقابلة مرآة مجلوة يتراءى فيها ما انعكس منه ولو لم يكن له مقابل غير العدم لذلك ما انعكس كمالاته إلا منه والمحجوب المقيد بسجن الطبيعة ما يرى الوجود والموجود الا هذه العكوس المنعكسة والاظلال المرئية المستحدثة في سراب العدم من الأمواج الحادثة في بحر الوجود حسب التجليات الحبية ولم يتفطن الى مبدئها ومنشئها ولهذا عدل عن طريق الحق وضل عن سواء السبيل ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور والمكاشف المشاهد بنور الله المستغرق بمطالعة جماله لا يرى في الوجود الا هو وكل ما ظهر في العالم من الآثار فمن تجلياته المنتشئة من أوصافه الذاتية ومن تطورات أسمائه الكمالية الجمالية والجلالية وسر التكاليف الموردة في الكتب الإلهية والآثار النبوية انما هو للتحقق والتقرب الى ما عليه الوجود الحقي من الاعتدال والاستواء الذي هو صراط الله الا قوم الا عدل لذلك الهم سبحانه خلص عباده الذين تحققوا بوحدة الوجود وانكشفوا بنوره المستقل ان يواظبوا على حمده وثنائه دائما مستمرا ليتمكنوا بمقام الشكر الذي هو أعلى مقام العارف بالله إذ الشكر انما يحصل بقدر رفع حجب التعينات رأسا ورؤية عموم ما ظهر وبطن من نعم الوجود وما يتفرع عليه من مقتضيات الكرم والجود من المنعم الحقيقي والمفضل المعنوي وذلك لا يكون الا بالفناء فيه والبقاء ببقائه ومتى فنى العارف فيه فقد تحقق بمقام الشكر وتكلم لسان حاله ومقاله بشكر منعمه وهو ايضا بحول الله وقوته ولهذا اخبر سبحانه من حمده وشكره لنفسه تعليما لعباده قائلا متيمنا بِسْمِ اللَّهِ المستغنى بذاته عن عموم الأكوان الرَّحْمنِ عليها بافاضة نور الوجود من محض الجود والامتنان الرَّحِيمِ عليها باقدارها على مواظبة الحمد والثناء له أداء لحق شيء من الانعام والإحسان
[الآيات]
الْحَمْدُ الثناء المشعر بالاطاعة والانقياد التام المنبئ عن كمال التعظيم والتبجيل الذاتي الصادر عن السنة عموم ما ظهر من شئون الوجود وانعكس من اظلال أسمائه وصفاته ودخل في حيطة الوجود الحق واعترف بتوحيده وحمده حالا ومقالا وباستقلاله وتوحده سبحانه في ملكه وملكوته ازلا وابدا ثابت لِلَّهِ المستقل بالالوهية المتفرد في ربوبيته المستحق بأنواع العبودية ذاتا وصفات وكيف لا يستحق سبحانه بالعبودية والتعظيم إذ هو القادر المقتدر الَّذِي خَلَقَ وقدر السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى علويات الأسماء والصفات الفعالة وسفليات الطبائع والأركان القابلة لآثار العلويات وَجَعَلَ ايضا الظُّلُماتِ اى حجب التعينات وَالنُّورَ اى ظل الوجود المنبسط عليها ثُمَّ بعد ما ظهر اشراق نور الوجود ولمع شمس الذات على صفحات الكائنات المحجوبون الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ اى ستروا بهويتهم الباطلة هوية الحق السارية في الآفاق بكمال الاستقلال والاستحقاق ازلا وابدا يَعْدِلُونَ يميلون وينحرفون عن طريق الحق واستقلاله جهلا وعنادا
وكيف يسترون هويته ويعدلون عن طريقه مع انه هُوَ الخالق الموجد الَّذِي خَلَقَكُمْ وقدر وجودكم أولا مِنْ طِينٍ جماد قريب من العدم ثُمَّ قَضى وقدر أَجَلًا لحياتكم المستعارة الظلية في النشأة الاولى

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست