اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 211
السرمدي خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يتحولون عنها أصلا وبالجملة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لتحققهم بمقام الصدق والإخلاص فيما مضى وَرَضُوا ايضا عَنْهُ سبحانه لإيصالهم الى غاية ما جبلوا لأجله بلا ترقب وانتظار ذلِكَ الوصول والتحقق هو الْفَوْزُ الْعَظِيمُ والفضل العميم لأهل العناية الفائزين من عنده بهذه المرتبة العلية ولا تستبعد عن الله أمثال هذه الكرامات سيما مع ارباب المحبة والولاء الباذلين مهجهم في سلوك طريق الفناء فيه
إذ لِلَّهِ المستغنى عن عموم الأماكن والأكوان مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إيجادا واعداما وَما فِيهِنَّ من الكوائن والفاسدات فله التصرف فيها بالاستقلال كيف يشاء حسب ارادته واختياره وَهُوَ بذاته عَلى كُلِّ شَيْءٍ من عموم مراداته ومقدوراته قَدِيرٌ فله ان يوصل خلص عباده الى فضاء فنائه بافنائهم عن هوياتهم الباطلة وابقائهم بهوية الحق الحقيقية السارية في عموم الأكوان في كل يوم وآن وشأن
خاتمة سورة المائدة
عليك ايها المحمدي المتوجه لمرتبة الفناء المثمرة للبقاء الأبدي شكر الله سعيك وأوصلك الى غاية مبتغاك ان تجعل قرينك الرضا في جميع ما جرى عليك من مقتضيات القضاء إذ كل ما يجرى في عالم الكون والفساد انما هو على مراد الله وبمقتضى مشيئته وارادته حسب تجلياته الجمالية والجلالية واللطفية والقهرية. والعارف إذا تحقق بمقام الرضا الذي هو نهاية مراتب العبودية فقد خلص عن قيود الإضافات مطلقا ومتى ارتفعت الإضافات لا يشوشه لا السراء ولا الضراء ولا اللذة ولا العناء ولا الفقر ولا الغناء إذ كل ذلك من لوازم الإمكان وامارات البعد والخذلان. فعليك ان تصفى نفسك من جميع الأمراض الباطنة من العجب والرياء والرعونة والهوى وتلازم العزلة والاعراض عن أبناء الدنيا وعن الالتجاء إليهم والمخالطة معهم وتقلل عن حوائجك وحظوظك سوى سد جوعة وكن ولباس خشن كيف اتفق ولك ان تروض نفسك في زاوية الخمول وكهف القناعة ومنزل الفراغة وإياك إياك ان تصاحب مع اهل البدع والأهواء وتراجعهم سيما في الأمور التي تتعلق بالمعاش المستعار وبالجملة كن في ورطة الدنيا كانت غريب ليس لك ألف وموانسة مع من فيها وما فيها او كعابر سبيل يروح فيها ويغدو بلا تمكن وقرار وبالجملة عد نفسك من اصحاب القبور وافعل فيها مثل ما تشاهد منهم بالنسبة إليها بل موتك الإرادي لا بد ان يكون أعرق في قطع التعلق وترك المألوف عن الموت الصوري لان اكثر الأموات بالموت الصوري يخرجون من الدنيا متحسرين بحسرة عظيمة والعارف المتحقق بمرتبة الموت الإرادي له مسرة عظيمة ولذة دائمة بحيث لو عاد على ما عليه كان يغم غما شديدا بل قد هلك حزنا وكآبة. فلك ان تشمر ذيلك عنها وعن لذاتها بالمرة وتداوم الاستفادة والاسترشاد من كتاب الله وأحاديث رسوله صلّى الله عليه وسلّم وكذا من ملتقطات المشايخ العظام التي استنبطوها منهما بسعي بليغ وجد تام شكر الله مساعيهم وتصرف عنان عزمك عما سواها من الأباطيل الزائغة المنسوبة الى اصحاب الحجج والاستدلالات الضالين بتغريرات عقولهم القاصرة وتزويرات اوهامهم الخاسرة وخيالاتهم الباطلة عن منهج الحق ومحجة اليقين جعلنا الله ممن أيد من عنده فتأيد واطلق عنان عزمه نحو الحق ولم يتقيد بمنه وجوده
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 211