اسم الکتاب : التفسير البياني للقرآن الكريم المؤلف : بنت الشاطئ، عائشة الجزء : 1 صفحة : 35
وأما تعليل الحذف برعاية الفاصل، فليس من المقبول عندنا أن يقوم البيان القرآني على اعتبار لفظي محض، وإنما الحذف لمقتضى معنوي بلاغي، يقويه الأداء اللفظي، دون أن يكون الملجظ الشكلي هو الأصل. ولو كان البيان القرآني يتعلق بمثل هذا، لما عدل عن رعاية الفاصلة في آخر سورة الضحى:
{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} .
وليس في السورة كلها ثاء فاصلة، بل ليس فيها حرف الثاء على الإطلاق، ولم يقل تعالى: فخبرْ، لتتفق الفواصل على مذهب أصحاب الصنعة ومن يتعلقون به.
ويبقى القول بأن الحذف لدلالة ما قبله على المحذوف، وتقتضيه حساسية معنوية مرهفة، بالغة الدقة في اللطف والإيناس، هي تحاشي خطابه تعالى لحبيبه المصطفى في مقام الإيناس: ما قلاك. لما في القلى من الطرد والإبعاد وشدة البغض. أما التوديع فلا شيء فيه من ذلك. بل لعل الحس اللغوي فيه يؤذن بالفراق على كره، مع رجاء العودة واللقاء.
* * *
وقد سبق في هذا التوديع عند سبب النزول.
ولا نرى أن نقف هنا عندما ورد في بعض كتب التفسير من تحديد سبب الإبطاء في الوحي، كالذي ذكره "الرازي" و"النيسابورى" من أن اليهود سألوا النبي عن ثلاث نسائل: الروح، وذي القرنين واصحاب الكهف. فقال - صلى الله عليه وسلم -: سأخبركم غداً. ولم يقل: إن شاء الله: أو أن الوحي أبطأ، لأن جرةاً للحسن والحسين، - رضي الله عنهما -، كان في بيت النبي عليه الصلاة والسلام، فقال جبريل: "أما علمت أنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة؟ " أو أنه كان فيهم من لا يقلم الأظفار.....
وحكاية الجرو هذه، وردت كذلك في (البحر المحيط لأبي حيان) ولا أدري كيف فاتهم أن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - ولدا بعد الهجرة
اسم الکتاب : التفسير البياني للقرآن الكريم المؤلف : بنت الشاطئ، عائشة الجزء : 1 صفحة : 35