responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 71
وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً تَذْيِيلٌ لِحُكْمِ الرُّخْصَةِ إِذْ عَفَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْغُسْلَ أَوِ الْوُضُوءَ عِنْدَ الْمَرَضِ، وَلَا تَرَقُّبَ وُجُودِ الْمَاءِ عِنْدَ عَدَمِهِ، حَتَّى تَكْثُرَ عَلَيْهِمُ الصَّلَوَاتُ فَيَعْسُرَ عَلَيْهِم الْقَضَاء.
[44، 45]

[سُورَة النِّسَاء (4) : الْآيَات 44 إِلَى 45]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (45)
اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ رَاجِعٌ إِلَى مَهْيَعِ الْآيَاتِ الَّتِي سَبَقَتْ مِنْ قَوْلِهِ: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [النِّسَاء: 36] فَإِنَّهُ بَعْدَ نِذَارَةِ الْمُشْرِكِينَ وَجَّهَ الْإِنْذَارَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَوَقَعَتْ آيَاتُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَآيَاتُ مَشْرُوعِيَّةِ الطَّهَارَةِ لَهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَفِيهِ مُنَاسَبَةٌ لِلْأَمْرِ بِتَرْكِ الْخَمْرِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالْأَمْرِ بِالطَّهَارَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْهُدَى الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لِلْيَهُودِ نَظِيرُهُ، فَهُمْ يَحْسُدُونَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ حُرِمُوا مِنْ مِثْلِهِ وَفَرَّطُوا فِي هُدًى عَظِيمٍ، وَأَرَادُوا إِضْلَالَ الْمُسْلِمِينَ عَدَاءً مِنْهُمْ.
وَجُمْلَةُ أَلَمْ تَرَ- إِلَى- الْكِتابِ جُمْلَةٌ يُقْصَدُ مِنْهَا التَّعْجِيبُ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِيهَا تَقْرِيرِيٌّ عَنْ نَفْيِ فِعْلٍ لَا يَوَدُّ الْمُخَاطَبُ انْتِفَاءَهُ عَنْهُ، لِيَكُونَ ذَلِكَ مُحَرِّضًا عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ
فَعَلَ، وَهُوَ مُفِيدٌ مَعَ ذَلِكَ لِلتَّعْجِيبِ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [23] .
وَجُمْلَةُ يَشْتَرُونَ حَالِيَّةٌ فَهِيَ قَيْدٌ لِجُمْلَةِ أَلَمْ تَرَ، وَحَالَةُ اشْتِرَائِهِمُ الضَّلَالَةَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُشَاهَدَةٍ بِالْبَصَرِ فَقَدْ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْمُشَاهَدِ الْمَرْئِيِّ، لِأَنَّ شُهْرَةَ الشَّيْءِ وَتَحَقُّقَهُ تَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْئِيِّ.
وَالنَّصِيبُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ولِلرِّجالِ نَصِيبٌ [النِّسَاء: 7] فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَفِي اخْتِيَارِهِ هُنَا إِلْقَاءُ احْتِمَالِ قِلَّتِهِ فِي نُفُوسِ السَّامِعِينَ، وَإِلَّا لَقِيلَ: أُوتُوا الْكِتَابَ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست