responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 222
عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ تَقُولَ: رَكِبْتُ فَرَسًا وَحِمَارًا آخَرَ، وَمَثَّلُوا لِمَا اسْتَكْمَلَ الشَّرْطَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ [الْبَقَرَة: 184] ثُمَّ قَالَ: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [الْبَقَرَة: 185] وَبِقَوْلِهِ: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى [النَّجْم: 19، 20] فَوَصَفَ مَنَاةَ بِالْأُخْرَى لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى فِي أَنَّهَا صَنَمٌ، قَالُوا: وَمِثْلُ كَلِمَةِ آخَرَ فِي هَذَا كَلِمَاتُ: سَائِرٍ، وَبَقِيَّةٍ، وَبَعْضٍ، فَلَا تَقُولُ: أَكْرَمْتُ رَجُلًا وَتَرَكْتُ سَائِرَ النِّسَاءِ. وَلَقَدْ غَلَا بَعْضُ هَؤُلَاءِ النُّحَاةِ فَاشْتَرَطُوا الِاتِّحَادَ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ بِآخَرَ وَبَيْنَ مَا عُطِفَ هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى فِي الْإِفْرَادِ وَضِدِّهِ. قَالَهُ ابْنُ يَسْعُونَ وَالصِّقِلِّيُّ، وَرَدَّهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي «التَّذْكِرَةِ» مُحْتَجًّا بِقَوْلِ رَبِيعَةَ بْنِ مُكَدَّمٍ:
وَلَقَدْ شَفَعْتُهُمَا بِآخَرَ ثَالِثٍ ... وَأَبَى الْفِرَارَ لِيَ الْغَدَاةَ تَكَرُّمِي
وَبِقَوْلِ أَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ:
وَكُنْتُ أَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ مُعْتَدِلًا ... فَصِرْتُ أَمْشِي عَلَى أُخْرَى مِنَ الشَّجَرِ
وَقَالَ قَوْمٌ بِلُزُومِ الِاتِّحَادِ فِي التَّذْكِيرِ وَضِدِّهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جِنِّي، وَخَالَفَهُمُ الْمُبَرِّدُ، وَاحْتَجَّ الْمُبَرِّدُ بِقَوْلِ عَنْتَرَةَ:
وَالْخَيْلُ تَقْتَحِمُ الْغُبَارَ عَوَابِسًا ... مِنْ بَيْنِ شَيْظَمَةٍ وَآخَرَ شَيْظَمِ
وَذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْمَوْصُوفِ بِآخَرَ مَعَ مَا عُطِفَ هُوَ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ جَوَّزَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَيَأْتِ بِخَلْقٍ آخَرِينَ غَيْرِ الْإِنْسِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِكَلِمَةِ آخَرَ مَوْصُوفٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ ذِكْرُ مُقَابِلٍ لَهُ أَصْلًا، فَلَا تَقُولُ: جَاءَنِي آخَرُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ قَبْلُ، لِأَنَّ مَعْنَى آخَرَ مَعْنًى مُغَايِرٌ فِي الذَّاتِ مُجَانِسٌ فِي الْوَصْفِ. وَأَمَّا قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
صَلَّى على عزّة الرحمان وَابْنَتِهَا ... لُبْنَى وَصَلَّى عَلَى جَارَاتِهَا الْأُخَرِ
فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ ابْنَتَهَا جَارَةً، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ: صَلَّى عَلَى حَبَائِبِي: عَزَّةَ وَابْنَتِهَا وَجَارَاتِهَا حَبَائِبِي الْأُخَرِ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الشِّعْرِ، وَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست