responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 129
وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لَا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78) مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (79) .
يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُخْتَارِ مِمَّا رُوِيَ فِي تَعْيِينِ الْفَرِيقِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ أَنَّهُمْ فَرِيقٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ عَائِدًا إِلَى الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ مَعْلُومُونَ مِنَ الْمَقَامِ، وَلِسَبْقِ ذِكْرِهِمْ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ [النِّسَاء: 72] وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةً عَطْفَ
قِصَّةٍ عَلَى قِصَّةٍ، فَإِنَّ مَا حُكِيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْمُنَافِقِينَ، وَيَكُونُ الْغَرَضُ انْتَقَلَ مِنَ التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ إِلَى وَصْفِ الَّذِينَ لَا يَسْتَجِيبُونَ إِلَى الْقِتَالِ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِمَا يُبَلِّغُهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ بِنَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ السُّدِّيِّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ حَدِيثًا مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَانُوا عَلَى شَفَا الشَّكِّ فَإِذَا حَلَّ بِهِمْ سُوءٌ أَوْ بُؤْسٌ تَطَيَّرُوا بِالْإِسْلَامِ فَقَالُوا: هَذِهِ الْحَالَةُ السُّوأَى مِنْ شُؤْمِ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ بَعْضَ الْأَعْرَابِ كَانَ إِذَا أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَمَتْ أَنْعَامُهُ وَرَفُهَتْ حَالُهُ حَمِدَ الْإِسْلَامَ، وَإِذَا أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ مَوَتَانٌ فِي أَنْعَامِهِ تَطَيَّرَ بِالْإِسْلَامِ فَارْتَدَّ عَنْهُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْحُمَّى فِي الْمَدِينَةِ فَاسْتَقَالَ مِنَ النَّبِيءِ بَيْعَتَهُ
وَقَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِهِ: «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا»
. وَالْقَوْلُ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ: يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ- يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ هُوَ قَوْلٌ نَفْسِيٌّ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَجْتَرِئُونَ عَلَى أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ عَلَنًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ بِهِ. أَوْ هُوَ قَوْلٌ يَقُولُونَهُ بَيْنَ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ،

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست