responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 284
النَّهْيَ عَنْ أَحْوَالٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: مِنْهَا أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ يَعْضُلُونَ النِّسَاءَ ذَوَاتِ الْمَالِ مِنَ التَّزَوُّجِ خَشْيَةَ أَنَّهُنَّ إِذَا تَزَوَّجْنَ يَلِدْنَ فَيَرِثُهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَأَوْلَادُهُنَّ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ الْعَاصِبِ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ، وَهُنَّ يَرْغَبْنَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ وَمِنْهَا أَنَّ الْأَزْوَاجَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَيَأْبَوْنَ أَنْ
يُطَلِّقُوهُنَّ رَغْبَةً فِي أَنْ يَمُتْنَ عِنْدَهُمْ فَيَرِثُوهُنَّ، فَذَلِكَ إِكْرَاهٌ لَهُنَّ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى حَالَةِ الْكَرَاهِيَةِ، إِذْ لَا تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ مُخْتَارَةً، وَعَلَى هَذَا فَالنِّسَاءُ مُرَادٌ بِهِ جَمْعُ امْرَأَةٍ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كَرْهًا- بِفَتْحِ الْكَافِ- وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ- بِضَمِّ الْكَافِ- وَهُمَا لُغَتَانِ.
وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ.
عُطِفَ النَّهْيُ عَنِ الْعَضْلِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِرْثِ النِّسَاءِ كَرْهًا لِمُنَاسَبَةِ التَّمَاثُلِ فِي الْإِكْرَاهِ وَفِي أَنَّ مُتَعَلِّقَهُ سُوءُ مُعَامَلَةِ الْمَرْأَةِ، وَفِي أَنَّ الْعَضْلَ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ مِنْهُنَّ.
وَالْعَضْلُ: مَنْعُ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ إِيَّاهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ فِي سُورَة الْبَقَرَة [232] .
فَإِن كَانَ الْمنْهِي عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً هُوَ الْمَعْنَى الْمُتَبَادِرَ مِنْ فِعْلِ (تَرِثُوا) ، وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْمَرْأَةِ كَرْهًا عَلَيْهَا، فَعَطْفُ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ إمّا عطف خَاصٌّ عَلَى عَامٍّ، إِنْ أُرِيدَ خُصُوصُ مَنْعِ الْأَزْوَاجِ نِسَاءَهُمْ مِنَ الطَّلَاقِ مَعَ الْكَرَاهِيَةِ، رَغْبَةً فِي بَقَاءِ الْمَرْأَةِ عِنْدَهُ حَتَّى تَمُوتَ فَيَرِثَ مِنْهَا مَالَهَا، أَوْ عَطْفُ مُبَايِنٍ إِنْ أُرِيدَ النَّهْيُ عَنْ مَنْعِهَا مِنَ الطَّلَاقِ حَتَّى يُلْجِئَهَا إِلَى الِافْتِدَاءِ مِنْهُ بِبَعْضِ مَا آتَاهَا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَإِطْلَاقُ الْعَضْلِ عَلَى هَذَا الْإِمْسَاكِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ الْمُشَابَهَةِ لِأَنَّهَا كَالَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنَ التَّزَوُّجِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ الْمَعْنى الْمجَازِي لترثوا وَهُوَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مِيرَاثًا، وَهُوَ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي مُعَامَلَةِ أَزْوَاجِ أَقَارِبِهِمْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَعَطْفُ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ عَطْفُ حُكْمٍ آخَرَ مِنْ أَحْوَالِ الْمُعَامَلَةِ، وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَعْضُلَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَنْ تَتَزَوَّجَ لِتَبْقَى عِنْدَهُ فَإِذَا مَاتَتْ وَرِثَهَا،

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست