responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 630
مُلْكَ إِسْرَائِيلَ سَنَةَ 1014 أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَلْفٍ قَبْلَ الْمَسِيحِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ دَاوُدَ النَّبِيءِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، وَعَظُمَ مُلْكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مُدَّتِهِ وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ بِبِنَاءِ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمُقَدّس وَكَانَ نبيئا حَكِيمًا شَاعِرًا وَجَعَلَ لِمَمْلَكَتِهِ أُسْطُولًا بَحْرِيًّا عَظِيمًا كَانَتْ تَمْخُرُ سُفُنُهُ الْبِحَارَ إِلَى جِهَاتٍ قَاصِيَةٍ مِثْلَ شَرْقِ إِفْرِيقْيَا.
وَقَوْلُهُ: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ أَثَارَ اعْتِرَاضُهَا مَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْله: مَا تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ مِنْ مَعْنَى أَنَّهُمْ كَذَبُوا عَلَى سُلَيْمَانَ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْكُفْرِ فَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَاتَّبَعُوا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ إِنَّ كَانَ وَما أُنْزِلَ مَعْطُوفًا على مَا تَتْلُوا وَبَيْنَ اتَّبَعُوا وَبَيْنَ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ إِلَخْ إِنْ كَانَ وَما أُنْزِلَ مَعْطُوفًا عَلَى السِّحْرِ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى وَاتَّبَعُوا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الشَّيَاطِينِ أَحْبَارَ الْيَهُودِ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ أَحْوَالِ الْيَهُودِ لِأَنَّ مَآلَهُ وَاتَّبَعُوا وَكَفَرُوا وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّهُ قَدَّمَ نَفْيَ كُفْرِ سُلَيْمَانَ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ تَعْجِيلًا بِإِثْبَاتِ نَزَاهَتِهِ وَعِصْمَتِهِ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ كُفْرِهِ كَانَ سَبَبَ ضَلَالٍ لِلَّذِينَ اتَّبَعُوا مَا كَتَبَتْهُ الشَّيَاطِينُ فَلَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْأَتْبَاعِ وَحُكْمَ الْمَتْبُوعِينَ وَاحِدٌ فَكَانَ خَبَرًا عَنِ الْيَهُودِ كَذَلِكَ.
وَقَدْ كَانَ الْيَهُودُ يَعْتَقِدُونَ كُفْرَ سُلَيْمَانَ فِي كُتُبِهِمْ فَقَدْ جَاءَ فِي سِفْرِ الْمُلُوكِ الْأَوَّلِ أَنَّ سُلَيْمَانَ فِي زَمَنِ شَيْخُوخَتِهِ أَمَالَتْ نِسَاؤُهُ الْمِصْرِيَّاتُ وَالصَّيْدَوِنِيَّاتُ وَالْعَمُونِيَّاتُ قَلْبَهُ إِلَى آلِهَتِهِنَّ مِثْلَ (عَشْتَرُوتَ) إِلَهِ الصَّيدَوَنِيِّينَ (وَمُولُوكَ) إِلَهِ الْعَمُونِيِّينَ (الْفِينِيقِيِّينَ) وَبَنَى لِهَاتِهِ الْآلِهَةِ هَيَاكِلَ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنْ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَوْصَاهُ أَنْ لَا يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى.
وَقَوْلُهُ: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ كَفَرُوا وَالْمَقْصِدُ مِنْهُ تَشْنِيعُ حَالِ كُفْرِهِمْ إِذْ كَانَ مَصْحُوبًا بِتَعْلِيمِ السِّحْرِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ فَهِيَ حَالٌ مُؤَسِّسَةٌ.
وَالسِّحْرُ الشَّعْوَذَةُ وَهِيَ تَمْوِيهُ الْحِيَلِ بِإِخْفَائِهَا تَحْتَ حَرَكَاتٍ وَأَحْوَالٍ يَظُنُّ الرَّائِي أَنَّهَا هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ مَعَ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ خَفِيَ قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ [الْحجر: 14، 15] وَلِذَلِكَ أُطْلِقَ السِّحْرُ عَلَى الْخَدِيعَةِ تَقُولُ: سَحَرْتُ الصَّبِيَّ إِذَا عَلَلْتَهُ بِشَيْءٍ، قَالَ لَبِيدٌ:
فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فِإِنَّنَا ... عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ
ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا عُلِمَ ظَاهِرُهُ وَخَفِيَ سَبَبُهُ وَهُوَ التَّمْوِيهُ وَالتَّلْبِيسُ وَتَخَيُّيلُ غَيْرِ الْوَاقِعِ وَاقِعًاُُ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 630
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست