responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 445
فَقَدِ اقْتَضَاهُ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ بِأَصْحَابِ النَّارِ الْمُقْتَضِي لِلْمُلَازِمَةِ ثُمَّ التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: هُمْ فِيها خالِدُونَ.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَذْيِيلٌ ذُيِّلَتْ بِهِ قِصَّةُ آدَمَ لِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الْمُهْتَدِينَ وَلَيْسَ مِنَ الْمَقُولِ لَهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّذْيِيلِ تَهْدِيدُ الْمُشْرِكِينَ وَالْعَوْدُ إِلَى عَرْضِ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [الْبَقَرَة: 21] وَقَوْلِهِ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ [الْبَقَرَة: 28] فَتَكُونُ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا اعْتِرَاضِيَّةً وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا الَّذِينَ أَنْكَرُوا الْخَالِقَ وَأَنْكَرُوا أَنْبِيَاءَهُ وَجَحَدُوا عَهْدَهُ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْقُرْآنِ وَالْمَعْنَى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِي وَبِهُدَايَ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْمُقَابَلَةُ.
وَالْآيَاتُ جَمْعُ آيَةٍ وَهِيَ الشَّيْءُ الدَّالُّ عَلَى أَمْرٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْفَى، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِأَعْلَامِ الطَّرِيقِ آيَاتٌ لِأَنَّهُمْ وَضَعُوهَا لِلْإِرْشَادِ إِلَى الطُّرُقِ الْخَفِيَّةِ فِي الرِّمَالِ، وَتُسَمَّى الْحُجَّةُ آيَةً لِأَنَّهَا تُظْهِرُ الْحَقَّ الْخَفِيَّ، كَمَا قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
مَنْ لَنَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ آيَا ... تٌ ثَلَاثٌ فِي كُلِّهِنَّ الْقَضَاءُ
يَعْنِي ثَلَاثَ حُجَجٍ عَلَى نُصْحِهِمْ وَحُسْنِ بَلَائِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَعَلَى اتِّصَالِهِمْ بِالْمَلِكِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ. وَسَمَّى اللَّهُ الدَّلَائِلَ عَلَى وُجُودِهِ وَعَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَعَلَى إِبْطَالِ عَقِيدَةِ الشِّرْكِ آيَاتٍ، فَقَالَ: وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ [الْأَنْعَام: 4] وَقَالَ:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [الْأَنْعَام: 97] إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الْأَنْعَام: 99] وَقَالَ:
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها [الْأَنْعَام: 109] وَسَمَّى الْقُرْآنُ آيَةً فَقَالَ: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ- إِلَى قَوْلِهِ- أَوَلَمْ
يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ
فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ [50، 51] . وَسَمَّى أَجْزَاءَهُ آيَاتٍ فَقَالَ: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا [الْحَج: 72] وَقَالَ: المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ [الرَّعْد: 1] لِأَنَّ كُلَّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ يَعْجِزُ الْبَشَرُ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [الْبَقَرَة: 23] ، فَكَانَ دَالًّا عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَكَانَتْ جُمَلُهُ آيَاتٍ لِأَنَّ بِهَا بَعْضَ الْمِقْدَارِ الْمُعْجِزِ، وَلَمْ تُسَمَّ أَجْزَاءُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الْأُخْرَى آيَاتٍ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرَّجْمِ أَنَّ ابْنَ صُورِيَا حِينَ نَشَرَ التَّوْرَاةَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَذَلِكَ عَلَى تَشْبِيهِ الْجُزْءِ مِنَ التَّوْرَاةِ بِالْجُزْءِ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ مِنْ تَعْبِيرِ رَاوِي الْحَدِيثِ.
وَأَصْلُ الْآيَةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهُُِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 445
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست