responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 344
لِلْإِيجَازِ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ فِي الْمَعْنَى هُوَ مَا جِيءَ بِالشَّرْطِ لِأَجْلِهِ وَهُوَ مَفَادُ قَوْلِهِ:
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا [الْبَقَرَة: 23] ، فَتَقْدِيرُ جَوَابِ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا أَنَّهُ: فَأَيْقِنُوا بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِنَا وَأَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ وُجُوبِ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَاحْذَرُوا إِنْ لَمْ تَمْتَثِلُوا أَمْرَهُ عَذَابَ النَّارِ، فَوَقَعَ قَوْلُهُ: فَاتَّقُوا النَّارَ مَوْقِعَ الْجَوَابِ لدلالته عَلَيْهِ وإيذانه بِهِ وَهُوَ إِيجَازٌ بَدِيعٌ وَذَلِكَ أَنَّ اتِّقَاءَ النَّارِ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُؤْمِنُونَ بِهِ مِنْ قَبْلُ لِتَكْذِيبِهِمْ بِالْبَعْثِ فَإِذَا تَبَيَّنَ صِدْقُ الرَّسُولِ لَزِمَهُمُ الْإِيمَانُ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ.
وَإِنَّمَا عبّر بلم تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا دُونَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُوا بِذَلِكَ وَلَنْ تَأْتُوا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ إِلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ [يُوسُف: 59، 60] إِلَخْ لِأَنَّ فِي لَفْظِ تَفْعَلُوا هُنَا مِنَ الْإِيجَازِ مَا لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى إِذِ الْإِتْيَانُ الْمُتَحَدَّى بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِتْيَانٌ مُكَيَّفٌ بِكَيْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ كَوْنُ الْمَأْتِيِّ بِهِ مِثْلَ هَذَا الْقُرْآنِ وَمَشْهُودًا عَلَيْهِ وَمُسْتَعَانًا عَلَيْهِ بِشُهَدَائِهِمْ فَكَانَ فِي لَفْظِ تَفْعَلُوا مِنَ الْإِحَاطَةِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ وَالْقُيُودِ إِيجَازٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْإِتْيَانُ الَّذِي فِي سُورَةِ يُوسُفَ.
وَالْوَقُودُ بِفَتْحِ الْوَاوِ اسْمٌ لِمَا يُوقَدُ بِهِ، وَبِالضَّمِّ مَصْدَرٌ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ حُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ فِي كُلٍّ مِنَ الْحَطَبِ وَالْمَصْدَرِ. وَقِيَاسُ فَعُولٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا
يُفْعَلُ بِهِ كَالْوَضُوءِ وَالْحَنُوطِ وَالسَّعُوطِ وَالْوَجُورِ إِلَّا سَبْعَةَ أَلْفَاظٍ وَرَدَتْ بِالْفَتْحِ لِلْمَصْدَرِ وَهِيَ الْوَلُوعُ وَالْقَبُولُ وَالْوَضُوءُ وَالطَّهُورُ وَالْوَزُوعُ وَاللَّغُوبُ وَالْوَقُودُ. وَالْفَتْحُ هُنَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ المُرَاد الِاسْم وقرىء بِالضَّمِّ فِي الشَّاذِّ وَذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ الضَّمِّ مَصْدَرًا أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذَوُو وَقُودِهَا النَّاسُ.
وَالنَّاسُ أُرِيدَ بِهِ صِنْفٌ مِنْهُمْ وَهُمُ الْكَافِرُونَ فَتَعْرِيفُهُ تَعْرِيفُ الِاسْتِغْرَاقِ الْعُرْفِيِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفَ الْعَهْدِ لِأَنَّ كَوْنَهُمُ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عُلِمَ مِنْ آيَاتٍ أُخْرَى كَثِيرَةٍ.
وَالْحِجَارَةُ جَمْعُ حَجَرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَهُوَ وَزْنٌ نَادِرٌ فِي كَلَامِهِمْ جَمَعُوا حَجَرًا عَنْ أَحْجَارٍ وَأَلْحَقُوا بِهِ هَاءَ التَّأْنِيثِ قَالَ سِيبَوَيْهِ كَمَا أَلْحَقُوهَا بِالْبُعُولَةِ وَالْفُحُولَةِ. وَعَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ أَنَّ الْعَرَبَ تُدْخِلُ الْهَاءَ فِي كُلِّ جَمْعٍ عَلَى فِعَالٍ أَوْ فُعُولٍ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ عَلَيْهِ اجْتَمَعَ فِيهِ عِنْدَ الْوَقْفِ سَاكِنَانِ أَحَدُهُمَا الْأَلِفُ السَّاكِنَةُ وَالثَّانِي الْحَرْفُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَيِ اسْتَحْسَنُوا أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا إِذَا وَقَفُوا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنِ اجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ الْمَمْنُوعِ، وَمِنْ ذَلِكَ عِظَامَةٌ وَنِفَارَةٌ وَفِحَالَةٌ وَحِبَالَةٌ وَذِكَارَةٌ وَفُحُولَةٌ وَحُمُولَةٌ (جُمُوعًا) وَبِكَارَةٌ جَمْعُ بَكْرٍ (بِفَتْحِ الْبَاءِ) وَمِهَارَةٌ جَمْعُ مُهْرٍ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست