responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 474
اتَّصَلَتْ بِرِضَا الرَّبِّ. فَلَا يُخَفَّفُ مَعْطُوفٌ عَلَى الصِّلَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُوصَلَ الْمَوْصُولُ بِصِلَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ زَمَانًا، تَقُولُ: جَاءَنِي الَّذِي قَتَلَ زَيْدًا بِالْأَمْسِ، وَسَيَقْتُلُ غَدًا أَخَاهُ، إِذِ الصَّلَاةُ هِيَ جُمَلٌ، فَمَنْ يَشْتَرِطُ اتِّحَادَ زَمَانِ أَفْعَالِهَا بِخِلَافِ مَا يَنْزِلُ مِنَ الْأَفْعَالِ مَنْزِلَةَ الْمُفْرَدَاتِ، فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الزَّمَانِ مُضِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَعَلَى اخْتِيَارِ التَّوَافُقِ فِي الصِّيغَةِ، وَجُوِّزَ أَنْ يكون أولئك مبتدأ، والذين بصلته خبرا. وفلا: يُخَفَّفُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَعَلَّلَ دُخُولَ الْفَاءِ لِأَنَّ الَّذِينَ، إِذَا كَانَتْ صِلَتُهُ فِعْلًا، كَانَ فِيهَا مَعْنَى الشُّرُوطِ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الْمَوْصُولَ هُنَا أَعْرَبَهُ خَبَرًا عَنْ أُولَئِكَ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ فَلَا يُخَفَّفُ خَبَرًا عَنِ الْمَوْصُولِ، إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ أُولَئِكَ، وَلَا يَسْرِي لِلْمُبْتَدَأِ الشَّرْطِيَّةُ مِنَ الْمَوْصُولِ الْوَاقِعِ خَبَرًا عَنْهُ. وَجُوِّزَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ مُبْتَدَأً، وَالَّذِينَ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ، وفلا يخفف خَبَرٌ عَنِ الَّذِينَ، وَالَّذِينَ وَخَبَرُهُ خَبَرٌ عَنْ أُولَئِكَ. قِيلَ: وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى عَائِدٍ، لِأَنَّ الَّذِينَ هُمْ أُولَئِكَ، كَمَا تَقُولُ: هَذَا زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ وَقَعَتْ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَابَطٍ، إِلَّا إِنْ كَانَتْ نَفْسَ الْمُبْتَدَأِ فِي الْمَعْنَى، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ الرَّابِطِ. وَقَدْ أَخْبَرْتَ عَنْ أُولَئِكَ بِالْمُبْتَدَأِ الْمَوْصُولِ وَبِخَبَرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الرَّابِطِ. وَلَيْسَ نَظِيرَ مَا مَثَّلَ بِهِ مِنَ قَوْلِهِ: هَذَا زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ، لأن زيد مُنْطَلِقٌ خَبَرَانِ عَنْ هَذَا، وَهُمَا مُفْرَدَانِ، أَوْ يَكُونُ زَيْدٌ بَدَلًا مِنْ هَذَا، وَمُنْطَلِقٌ خَبَرًا. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا مُبْتَدَأً، وَزَيْدٌ مُبْتَدَأً ثَانِيًا، وَمُنْطَلِقٌ خَبَرًا عَنْ زَيْدٍ، وَيَكُونَ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ جُمْلَةً فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ عَنْ هَذَا، فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الرَّابِطِ. وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ هُنَا رَابِطٌ، لَمَا جَازَ هَذَا الْإِعْرَابُ، لِأَنَّ الَّذِينَ مَخْصُوصٌ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، فَلَا يُشْبِهُ اسْمَ الشَّرْطِ، إِذْ يَزُولُ الْعُمُومُ بِاخْتِصَاصِهِ، وَلِأَنَّ صِلَةَ الَّذِينَ مَاضِيَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى. وَمَعَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الْفَاءِ فِي الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ خَبَرًا.
وَالتَّخْفِيفُ هُوَ التَّسْهِيلُ، وَقَدْ حُمِلَ نَفْيُ التَّخْفِيفِ عَلَى الِانْقِطَاعِ، وَحُمِلَ أَيْضًا عَلَى التَّشْدِيدِ. وَالْأَوْلَى جملة عَلَى نَفْيِ التَّخْفِيفِ بِالِانْقِطَاعِ، أَوْ بِالتَّقْلِيلِ مِنْهُ، أَوْ فِي وَقْتٍ، أَوْ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، لِأَنَّهُ نَفْيٌ لِلْمَاهِيَّةِ، فَيَسْتَلْزِمُ نَفْيَ أَشْخَاصِهَا وَصُوَرِهَا. وَالظَّاهِرُ مِنَ النَّفْيِ بِلَا، وَالْكَثِيرُ فِيهَا أَنَّهُ نَفْيٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَقَدْ فَسَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ نَفْيَ التَّخْفِيفِ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَفِي الدُّنْيَا بِنُقْصَانِ الْجِزْيَةِ، وَكَذَلِكَ نَفْيُ النَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَعْنَى نَفْيِ النَّصْرِ:
أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ مَنْ يَدْفَعُ عَنْهُمْ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ عَذَابِ اللَّهِ.
وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ: جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِعْلِيَّةً وَتَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ الِاشْتِغَالِ، فَيَكُونَ هُمْ مَرْفُوعًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ:

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 474
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست