responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 268
تُبْتُ وَأَصْلَحْتُ أَرَاجِعِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . وَزَادَ قَتَادَةُ فِي هَذَا: «وَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ إِلَيَّ قَبْلَ غَضَبِكَ؟ قِيلَ لَهُ بَلَى، قَالَ: رَبِّ هَلْ كَتَبْتَ هَذَا عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ تَخْلُقَنِي؟ قِيلَ لَهُ: نَعَمْ، فَقَالَ: رَبِّ إِنْ تُبْتُ وَأَصْلَحْتُ أَرَاجِعِي أَنْتَ إِلَى الْجَنَّةِ؟ قِيلَ لَهُ: «نَعَمْ» .
وَقَالَ قَتَادَةُ هِيَ: «أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» .
وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: «يَا رَبِّ خَطِيئَتِي الَّتِي أَخْطَأَتُهَا أَشَيْءٌ كَتَبْتَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ تَخْلُقَنِي؟ أَوْ شَيْءٌ ابْتَدَعْتُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي؟
قَالَ: بَلْ شَيْءٌ كَتَبْتُهُ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكَ، قَالَ: «فَكَمَا كَتَبْتَ عَلَيَّ فَاغْفِرْ لِي» .
وَقِيلَ إِنَّهَا:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ» .
وَقِيلَ: رَأَى مَكْتُوبًا عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَتَشَفَّعَ بِذَلِكَ فَهِيَ الْكَلِمَاتُ.
وَقِيلَ: قَوْلُهُ حِينَ عَطَسَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» .
وَقِيلَ: هِيَ الدُّعَاءُ وَالْحَيَاءُ وَالْبُكَاءُ. وَقِيلَ: الِاسْتِغْفَارُ وَالنَّدَمُ وَالْحُزْنُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَسَمَّاهَا كَلِمَاتٍ، مَجَازًا لِمَا هِيَ فِي خَلْقِهَا صَادِرَةٌ عَنْ كَلِمَاتٍ، وَهِيَ: «كُنْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ» ، وَهَذَا قَوْلٌ يَقْتَضِي أَنَّ آدَمَ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا إِلَّا الِاسْتِغْفَارَ الْمَعْهُودَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
فَتابَ عَلَيْهِ: أَيُّ تَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ وَأَفْرَدَهُ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مُشَارِكَةً لَهُ فِي الْأَمْرِ بِالسُّكْنَى وَالنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِ الشَّجَرَةِ وَتَلَقِّي الْكَلِمَاتِ وَالتَّوْبَةِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوَاجَهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَهِيَ تَابِعَةٌ لَهُ فِي ذَلِكَ. فَكَمُلَتِ الْقِصَّةُ بِذِكْرِهِ وَحْدَهُ، كَمَا جَاءَ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْخِضْرِ، إِذْ جَاءَ حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ [1] ، فحملاهما بِغَيْرِ نَوْلٍ، وَكَانَ مَعَ مُوسَى يُوشَعُ، لَكِنَّهُ كَانَ تَابِعًا لِمُوسَى فَلَمْ يُذْكُرْهُ وَلَمْ يُجْمَعْ مَعَهُمَا فِي الضَّمِيرِ، أَوِ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا، إِذْ كَانَ فِعْلُهُمَا وَاحِدًا، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ»
، فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [3] ، أَوْ طَوَى ذَكَرَهَا كَمَا طَوَاهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَعْصِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى [4] .
وَقَدْ جَاءَ طَيُّ ذِكْرِ النِّسَاءِ فِي أَكْثَرَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ: قَالَا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا [5] ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعِ هَذَا السَّتْرَ فِي امْرَأَتَيْ نوح ولوط لأنهما كانتا كَافِرَتَيْنِ، وَقَدْ ضَرَبَ بِهِمَا الْمَثَلَ لِلْكُفَّارِ، لِأَنَّ ذُنُوبَهُمَا كَانَتْ غَايَةً فِي الْقُبْحِ وَالْفُحْشِ. وَالْكَافِرُ لَا يُنَاسِبُ السَّتْرَ عَلَيْهِ وَلَا الْإِغْضَاءَ عَنْ ذَنْبِهِ، بَلْ يُنَادِي عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَخْزَى له وأحط

[1] سورة الكهف: 18/ 71.
(2) سورة التوبة: 9/ 62.
[3] سورة طه: 20/ 117.
[4] سورة طه: 20/ 121.
[5] سورة الأعراف: 7/ 23.
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست