responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 260
صَحِبَ يَصْحَبُ، وَالْأَصْحَابُ: جَمْعُ صَاحِبٍ، وَجَمْعُ فَاعِلٍ: عَلَى أَفْعَالٍ شَاذٌّ، وَالصُّحْبَةُ وَالصَّحَابَةُ: أَسْمَاءُ جُمُوعٍ، وَكَذَا صَحِبَ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِلْأَخْفَشِ، وَهِيَ لِمُطْلَقِ الِاقْتِرَانِ فِي زَمَانٍ مَا.
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها: الْهَمْزَةُ: كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَزَلَّ لِلتَّعْدِيَةِ، وَالْمَعْنَى: جَعَلَهُمَا زَلَّا بِإِغْوَائِهِ وَحَمَلَهَمَا عَلَى أَنْ زَلَّا وَحَصَلَا فِي الزَّلَّةِ، هَذَا أَصْلُ هَمْزَةِ التَّعْدِيَةِ. وَقَدْ تَأْتِي بِمَعْنَى جَعَلَ أَسْبَابَ الْفِعْلِ، فَلَا يَقَعُ إِذْ ذَاكَ الْفِعْلُ. تَقُولُ: أَضْحَكْتُ زَيْدًا فَمَا ضَحِكَ وَأَبْكَيْتُهُ فَمَا بَكَى، أَيْ جَعَلْتُ لَهُ أسباب الضحك وأسباب البقاء فَمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ ضَحِكُهُ وَلَا بُكَاؤُهُ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللِّبْدُ عَنْ حَالِ مَتْنِهِ ... كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالْمُتَنَزِّلِ
مَعْنَاهُ: فِيمَا يَشْرَحُ الشُّرَّاحُ، يَزِلُّ اللِّبْدُ: يَزْلِقُهُ عَنْ وَسَطِ ظَهْرِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَزِلُّ الْغُلَامُ الْخُفَّ عَنْ صَهَوَاتِهِ: أَيْ يَزْلِقُهُ. وَقِيلَ أَزَلَّهُمَا: أَبْعَدَهُمَا. تَقُولُ: زَلَّ عَنْ مَرْتَبَتِهِ، وَزَلَّ عَنِّي ذَاكَ، وَزَلَّ مِنَ الشَّهْرِ كَذَا: أَيْ ذَهَبَ وَسَقَطَ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الزَّلَّةَ هِيَ سُقُوطٌ فِي الْمَعْنَى، إِذْ فِيهَا خُرُوجُ فَاعِلِهَا عَنْ طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ، وَبُعْدُهُ عَنْهَا. فَهَذَا جَاءَ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ تَعْدِيَةِ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ وَحَمْزَةُ: فَأَزَالَهُمَا، وَمَعْنَى الْإِزَالَةِ:
التَّنْحِيَةُ. وَرُوِيَ عَنْ حَمْزَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ إِمَالَةُ فَأَزَالَهُمَا. وَالشَّيْطَانُ: هُوَ إِبْلِيسُ بِلَا خِلَافٍ هُنَا.
وَحَكَوْا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَرَأَ، فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ مُخَالِفَةٌ لِسَوَادِ الْمُصْحَفِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ تَفْسِيرًا، وَكَذَا مَا وَرَدَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مِمَّا خَالَفَ سَوَادَ الْمُصْحَفِ. وَأَكْثَرُ قِرَاءَاتِ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا تُنْسَبُ لِلشِّيعَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إِنَّهُ صَحَّ عِنْدَنَا بِالتَّوَاتُرِ قِرَاءَةُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ مَا يُنْقَلُ عَنْهُ مِمَّا وَافَقَ السَّوَادَ، فَتِلْكَ إِنَّمَا هِيَ آحَادٌ، وَذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا، فَلَا تُعَارِضُ مَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ.
وَفِي كَيْفِيَّةِ تَوَصُّلِ إِبْلِيسَ إِلَى إِغْوَائِهِمَا حَتَّى أَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ أَقَاوِيلُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عباس وَالْجُمْهُورُ: شَافَهَهُمَا بِدَلِيلِ، وَقَاسَمَهُمَا، قِيلَ: فَدَخَلَ إِبْلِيسُ الْجَنَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْوَسْوَسَةِ ابْتِلَاءً لِآدَمَ وَحَوَّاءَ، وَقِيلَ: دَخَلَ فِي جَوْفِ الْحَيَّةِ. وَذَكَرُوا كَيْفَ كَانَتْ خِلْقَةُ الْحَيَّةِ وَمَا صَارَتْ إِلَيْهِ، وَكَيْفَ كَانَتْ مُكَالَمَةُ إِبْلِيسَ لِآدَمَ. وَقَدْ قَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى أَحْسَنَ الْقَصَصِ وَأَصْدَقَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَغَيْرِهَا. وَقِيلَ: لَمْ يَدْخُلْ إِبْلِيسُ الْجَنَّةَ، بَلْ كَانَ يَدْنُو مِنَ السَّمَاءِ فَيُكَلِّمُهُمَا. وَقِيلَ: قَامَ عِنْدَ الْبَابِ فَنَادَى. وَقِيلَ: لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ بِسُلْطَانِهِ الَّذِي

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست