فأما الصحابة فقد تقدم الكلام عليهم على وجه الخصوص في الفصل الرابع، وبينا هناك منزلتهم ومكانتهم، وأقوال الناس فيهم، وموافقتهم منهم، وبينا وسطية أهل السنة والجماعة في بابهم.
وحديثنا في هذا الفصل سيكون عن الصالحين بوجه عام، وأقوال الناس فيهم ومواقفهم منهم.
وقد رأيت الناس في ذلك ثلاثة أصناف: صنف عرف للصالحين حقهم وقدرهم وقال فيهم بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وصنف أفرط في تعظيمهم وغلا في شأنهم، فرفعهم فوق منزلتهم، وقال فيهم غير الحق، وصنف ثالث لم يعرف فضلهم، ولم يقم بحقهم فهو مقصر فيما قال لهم.
فأما الصنف الأول: "فهم أهل السنة والجماعة"
مذهبهم وقولهم في ذلك يتخلص في ما يأتي:
1- يرون موالاة الصالحين ومحبتهم، والثناء عليهم وذكر محاسنهم والدعاء لهم؛ فإن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، كما أخبر الحق تبارك وتعالى في قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [1].
يقول الإمام الطحاوي مبينًا أن من عقيدة أهل السنة والجماعة محبة أهل الطاعات وموالاتهم ولا سيما أهل العلم والسنة منهم، وبغض أهل معصية الله ومجافاتهم: "ونحب أهل العدل والأمانة، ونبغض أهل الجور والخيانة ... وعلماء السلف من السابقين، من بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر -وأهل [1] سورة التوبة آية 71.