فينا السمع له فهو له أسمع فإذا استوى ذلك في قدرة الله تعالى وجب إذا قدرنا الله على حركة الاكتساب أن يكون هو الخالق لها فينا كسبا لنا ... " [1] . وهذا الكلام قد يكون ظاهره أن الخلاف بين الأشعري والسلف الذين يقولون: إن الله خالق كل شيء ومن ذلك أفعال العباد، وأن العباد فاعلون لأفعالهم حقيقة- خلاف في العبارات والألفاظ [2] -، لكن أقوال الأشعري الأخرى مما له علاقة في الموضوع تدل على أن الخلاف ليس لفظا، ومن ذلك:
أ- مسألة الاستطاعة:
يري الأشعري أن الاستطاعة- التي هي قدرة العبد- لا تكون إلا مع الفعل، وليس له استطاعة قبله، وهذه الاستطاعة التي يثبتها هي التي بها يتحقق الفعل، ويبني ذلك على أن الإستطاعة والقدرة عرض، والعرض لايبقي زمانين، يقول: "فإن قال قائل: فإذا أثبتم له استطاعة هي غيره فلم زعمتم أنه يستحيل تقدمها للفعل، قيل له: زعمنا ذلك من قبل أن الفعل لا يخلو أن يكون حادثا مع الاستطاعة في حال حدوثها أو بعدها، فإن كان حادثا معها في حال حدوثها فقد صح أنها مع الفعل للفعل، وإن كان حادثا بعدها وقد دلت الدلالة على أنها لا تبقى وجب حدوث الفعل بقدرة معدومة، ولو جاز ذلك لجاز أن يحدث العجز بعدها فيكون الفعل واقعا بقدرة معدومة، ولو جاز أن يفعل في حال هو فيها عاجز بقدرة معدومة لجاز أن يفعل بعد مئة سنة من حال حدوث القدرة وإن كان عاجزا في المئة سنة كلها بقدرة عدمت من مئة سنة وهذا فاسد" [3] ، ثم يذكر لماذا القدرة لا تبقي [4] ، ويذكر بعض الأدلة على قوله [5] .
وسيأتي بيان فساد القول بأن العرض لا يبقى زمانين. [1] اللمع (ص: 43) . [2] ممن رجح ذلك الشيخ هادي طالبي في رسالته للماجستير: أبو الحسن الأشعري بين المعتزلة والسلف (ص: 114) - مطبوعة على الآلة الكاتبة-. [3] اللمع (ص:54) . [4] انظر: المصدر السابق (ص: 55) . [5] انظر: نفس المصدر (ص: 56-58) .