واذا كان الأشعري يثبت لله صفة العلو والاستواء، والمباينة للمخلوقات فإثبات الرؤية مستقيم على مذهبه خلافا لمتأخرى أصحابه الذين أثبتوا الرؤية ونفوا العلو فتناقضوا.
والأشعري يرى أنه لا يلزم من اثبات الرؤية التجسيم لأنه لا يشترط أن يكون المرئي جسما يقول: " فإن قال قائل: فهل شاهدتم مرئيا إلا جوهرا أو غرضا محدودا أو حالا في محدود؟ قيل له: لا، ولم يكن المرئي مرئيا لأنه محدود ولا لأنه حال في محدود ولا لأنه جوهر، ولا لأنه عرض، فلما لم يكن ذلك كذلك لم يجب القضاء بذلك على الغائب، كما لم يجب إذا لم نجد فاعلا إلا جسما، ولا شيئا الا جوهرا أو عرضا، ولا عالما قادرا حيا الا بعلم وحياة وقدرة محدثة، أن نقضي بذلك على الغائب، إذ لم يكن الفاعل فاعلا لأنه جسم، ولا الشيء شيئا لأنه جوهر أو عرض" [1] .
هـ- قوله في القدر:
كلام الأشعري في القدر وأفعال العباد طويل جدا ومتفرع إلى مسائل كثيرة، وهو يثبت علم الله الشامل المحيط بكل شيء [2] ،؟ يثبت الكتابة في اللوح المحفوظ وأن الله أثبت فيه جميع ماهو كائن إلى يوم القيامة، وقد دل عليه قوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر. وكل صغير وكبير مستطر} [القمر:52- 53] [3] ،كما انه يثبت إرادة الله الشاملة لكل شيء- وهي التي بمعنى المشيئة- ويذكر الأدلة على ذلك، ويناقش المعتزلة طويلا الذين يقولون: إن الله لايريد الكفر ولا المعاصي وانها كائنة بغير ارادة منه [4] ، كما أثبت قدرة الله وأن الله خالق كل شيء من أفعال العباد وغيرها ورد على القدرية المعتزلة الذين [1] اللمع (ص: 36) . [2] انظر: الرسالة إلى الثغر (ص: 81) . [3] المصدر السابق (ص: 79) . [4] انظر: الإبانة (ص: 161) وما بعدها- ت- فوقية.