المبحث الأول: التعريف بالسلف، وأهل السنة والجماعة وأهل الحديث
أولا: السلف:
قال ابن فارس: " سلف ": السين واللام والفاء أصل يدل على تقدم وسبق، من ذلك السلف الذين مضوا، والقوم السلاف: المتقدمون [1] .
هذا هو أصل هذه الكلمة لغويا، ولذا قال في العباب الزاخر: " وسلف يسلف سلفا- بالتحريك- مثال طلب يطلب طلبا أي: مضى قال الله تعالى: {فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275] ، والقوم السلاف: المتقدمون، وسلف الرجل: آباؤه المتقدمون، والجمع أسلاف وسلاف " [2] ، ثم نقل عن أبي عبيد الهروي معاني السلف ومنها: القرض، والسلم، ثم قال: " وللسلف معنيان آخران: أحدهما كل عمل صالح قدمه العبد أو فرط فرط له، والسلف من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك " [3] ، وهذان المعنيان ذكرهما أهل غريب الحديث، ففي مشارق الأنوار: "والسلف: كل عمل صاع تقدم للعبد، ومنه قوله في الدعاء للطفل:"اجعله لنا فرطا وسلفا " [4] أي خيرا متقدما نجده في الآخرة، والسلف أيضا: من تقدمك من آبائك وقرابتك [5] ، ومثله في النهاية، ومجمع بحار الأنوار [6] ،
ويشهد للمعنى الأخير: من تقدمك من آبائك وقرابتك، [1] معجم مقاييس اللغة، مادة: سلف، (95/3) . [2] العباب الزاخر: للحسن بن محمد الصفاني. حرف الفاء، مادة: " سلف " [3] المصدر السابق. [4] هذا الأثر مروى عن الحسن، وقد علقه البخارى في صحيحه: باب الجنائز- باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة (فتح الباري: 3/3 0 2) ، وذكره البخارى قبل حديث رقم (1325) - وقد وصله ابن حجر كا في تغليق التعليق (2/483-484) - وقد روى مسلم لفظة (فرطا وسلفا) من حديث آخر مرفوع ونصه: " إن اللة تعالى (ذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبها قبلها فجحله لها فرطا وسلفا بين يديها000) (مسلم، كتاب الفضائل: باب إذا أراد اللة رحمة أمة قبض نبها قبلها، ورقمه: 2288) . [5] مشارق الأنوار (2/219) . [6] انظر النهاية لابن الأثير، مادة: "سلفا " (2/ 390) ..وانظر أيضا: مجمع بحار الأنوار: محمدطاهر الصديقي، مادة: (سلف) (3/ 100) . وانظر: لسان العرب، مادة: (سلف) .