حديث فاطمة- رضي الله عنها- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال لها " ... ولا أراني إلا قد حضر أجلي وأنك أول أهلي لحوقا بى، ونعم السلف أنا لك" [1] ،أي المتقدم.وكذا لما ماتت ابنته قال:"الحقي بسلفنا الصالح الخير، عثمان بن مظعون" [2] ومنه الدعاء لأهل القبور: " أنتم سلفنا ونحن بالأثر " [3] . أي: المتقدمون.
ونستخلص من هذا أن من معاني السلف: التقدم والسبق سواء كان بالعمل الصاع، أو من تقدم من الآباء وذوي القرابة وغيرهم، ومن هذا المعنى سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح [4] .
ولما حدث الافتراق ونشأت البدع بدأ يتحدد مصطلح السلف في عرف المتأخرين بأنهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان. وسيأتي مزيد إيضاح ومناقشة لهذا بعد التعريف بالمصطلحات المرادفة لمصطلح: " السلف "، مثل: أهل السنة، والجماعة، وأهل الحديث، والأثر، لأن هذه المصطلحات اشتهرت وكثر استعمالها، وخاصة في مجال أصول العقائد.
ثانيا: أهل السنة:
السنة لغة: السيرة والطريقة، قال ابن فارس: " سن ": السين والنون أصل واحد مطرد، وهو جريان الشىء واطراده في سهولة، والأصل قولهم: سننت الماء على وجهي أسنه سنا، إذا أرسلت إرسالا....، ومما اشتق منه السنة، وهى السيرة، وسنة رسول الله عليه السلام سيرته [5] ، فالسنة هي الطريقة، [1] رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة- باب فضائل فاطمة، ورقمه (2450) مكرر، ورواه أحمد (6/282) . [2] رواه أحمد (1/237) ، ورقمه عند أحمد شاكر (27 1 2) وفيه: أنها زينب، ورواه أحمد أيضا (1/335) ورقمه عند أحمد شاكر (3103) وفيه: أنها رقية. [3] رواه الترمذي، كتاب الجنائز- باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، ورقمه (1053) تحقيق: فؤاد عبد الباقي. [4] النهاية مادة " سلف " (2/ 390) ، وتاج العروس مادة: " سلف ". [5] معجم مقاييس اللغة، مادة: " عن " (3/60-61) ، وانظر: مجمل اللغة له (3/54- 55) . ط معهد المخطوطات- الكويت.