وفي عام 706 هـ صدر أمر برفع أيدي الرافضة عن كسروان وإقطاعها للأمراء التركمان [1] .
سادسا: بداية ظهور التحاكم إلى غير الشريعة:
هذه مسألة من المسائل المهمة التي تميز بها هذا العصر عن العصور التي سبقته، فقد عاش المسلمون منذ بدء الإسلام وانتشاره في البلاد التي فتحوها لا يعرفون نظاما وحكما إلا ما جاءت به شريعة الاسلام، ولا يعني هذا أن الظلم والجور لم يقع، ولا أن سفك الدماء وأخذ الأموال بالباطل لم يوجد، بل حدث من جور بعض السلاطين في العهد الأموي والعباسي وغيرهما- كما وجد من ظلم الولاة وغيرهم ممن قد تكون له سلطة- الشىء الكثير، بل وجد من الفتن والمحن التي أحاطت ببعض المسلمين أو ببعض أمصارهم ما هو مسطور في كتب التاريخ التى ألفها مؤرخون مسلمون، ولكن مع هذا كله كانت هذه المخالفات تقع وترتكب على أنها أمور مخالفة للإسلام أملاها الهوى أو الانتقام أو غير ذلك من الأسباب، ولذلك إذا تولى الحاكم أو السلطان العادل رد هذه المظا لم وانتصر لأصحابها بما يوافق شريعة الإسلام، ومذهب أهل السنة والجماعة أنه لا يجوز الخروج على الأئمة وإن جاروا أو ظلموا، وهذا فيه إقرار أن الظلم والجور قد يقع ولكنه لا يجوز أن يكون مبررا للخروج عليهم وخلع الطاعة ما لم يصل إلى الكفر البواح، أما أن يوجد نظام أو قانون- مخالف للشريعة- ويكون بوسع هذه الطائفة أو الدولة أن تتحاكم إليه مع انتسابها للإسلام فهذا لم يحدث إلا في هذا العصر الذي نتحدث عنه، وإذا وجد من الدول من حكم بعض بلاد المسلمين وفرض عقائد وسن شرائع مخالفة للاسلام وفرضها عليهم، فهؤلاء خارجون عن الإسلام، وذلك كالدولة الفاطمية التي قال عنها ابن تيمية: [1] = والنصارى وأن كل طائفة ممتنعة يجب قتالها ... قال: " وليس هذا مختصا بغالية الرافضة، بل من غلا في أحد من المشايخ وقال: إنه يرزقه أو يسقط عنه الصلاة ... وكل هؤلاء كفار يجب قتالهم بإجماع المسلمين ". [1] انظر: تاريخ بيروت (ص: 29) ، والسلوك (2/16) .