فلذلك يظهر كثرة شرهم، ثم ذكر السبب في قطع أشجارهم وتخريب بلادهم، ثم قال: " وأيضا فإنه بهذا قد انكسر من أهل البدع والنفاق بالشام ومصر والحجاز واليمن والعراق ما يرفع الله به درجات السلطان ويعز به أهل الإيمان " [1] ، ثم قال ابن تيمية: " فصل: تمام هذا الفتح وبركته تقدم مراسم السلطان بحسم مادة أهل الفساد وإقامة الشريعة في البلاد، فإن هؤلاء القوم لهم من المشايخ والإخوان في قرى كثيرة من يقتدون بهم وينتصرون لهم، وفي قلوبهم غل عظيم، وإبطان معاداة شديدة، لا يؤمنون معها على ما يمكنهم ولو أنه مباطنة العدو، فإذا أمسك رؤوسهم الذين يضلونهم- مثل بنى العود [2] - زال بذلك من الشر ما لا يعلمه إلا الله، ويتقدم إلى قراهم وهي قرى متعددة بأعمال دمشق، وصفد، وطرابلمس، وحماة، وحمص، وحلب، بأن تقام فيهم شرائع الاسلام، والجمعة، والجماعة، وقراءة القرآن، ويكون لهم خطباء ومؤذنون كسائر قرى المسلمين، وتقرأ فيهم الأحاديث النبوية وتنشر فيهم المعا لم الإسلامية ويعاقب من عرف منهم بالبدعة والنفاق بما توجبه شريعة الإسلام، فإن هؤلاء الحماربين وأمثالهم قالوا: نحن قوم جبال، وهؤلاء كانوا يعلموننا ويقولون لنا: أننا إذا قاتلنا هؤلاء تكونون مجاهدين، ومن قتل منكم فهو شهيد، وفي هؤلاء خلق كثير لا يقرون بصلاة، ولا صيام، ولا حج ولا عمرة، ولا يحرمون الميتة والدم، ولحم الخنزير، ولا يؤمنون بالجنة والنار، من جنس الاسماعيلية والنصيرية، والحاكمية، والباطنية، وهم كفار أكفر من اليهود والنصارى بإجماع المسلمين " [3] .
وسئل ابن تيمية عن حكم قتالهم فأفتى بجواز ذلك إذا كانوا ممتنعين، وشرح حالهم والحكم عليهم وهى فتوى عظيمة [4] . [1] المصدر السابق (ص: 191) . [2] على رأسهم: أبو القاسم الحسين بن العود، نجيب الدين الأسدى الحلبى، شيخ الشيعة وإمامهم وعالمهم في أنفسهم، ولد سنة 581 هـ، وتوفي سنة 677 هـ. البداية والنهاية (13/287) ، وهؤلاء الموجودون الذين يشير إليهم ابن تيمية من أولاده وأتباعه. [3] العقود الدرية (ص: 92 ا-193) . [4] انظر: نصها في مجموع الفتاوى (28/468- ا 50) ، بل قال لما بين إنهم شر من اليهود=