ونشير في مطلع هذا البحث إلى ما تحلّى به شيخ الإسلام من براعة في المناظرات، وتقريره مشروعية المناظرات، وبيانه أحوالها، وذلك على النسق التالي:
أ) براعة ابن تيمية في المناظرات: تميّز شيخ الإسلام ابن تيمية بدراية فائقة في المناظرات، وقوة حجة، وسرعة بديهة، كما شهد بذلك الأئمة، حتى قال عنه ابن الزملكاني: [1] - " لا يُعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه " [2] .
وقال عنه الحافظ الذهبي [3] : - "ما رأيت أحداً أسرع انتزاعاً للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه، ولا أشد استحضاراً لمتون الأحاديث، وعزوها إلى الصحيح أو إلى المسند، أو إلى السنن منه، كأن الكتاب والسنن نصب عينيه، وعلى طرف لسانه، بعبارة رشيقة، وعين مفتوحة، وإفحام للمخالف " (4) [1] هو محمد بن علي الأنصاري الشافعي، شيخ الشافعية بالشام، كان معجباً بابن تيمية، ثم تغير عليه، توفي سنة 727هـ.
انظر: البداية لابن كثير 14/131، وشذرات الذهب لابن العماد 6/78. [2] العقود الدرية ابن عبد الهادي ص 7، وانظر ص 67. [3] هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، الإمام، الحافظ، المؤرخ، ولد سنة 673هـ، بدمشق، له رحلات في طلب العلم، وصاحب مؤلفات كثيرة، توفي بدمشق سنة 748هـ.
انظر: طبقات الشافعية 9/100، والبدر الطالع ص 2/110
(4) . ذيل تاريخ الإسلام للذهبي، نقلاً عن الجامع لسيرة شيخ الإٍسلام ابن تيمية ص 206.