responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 74
قُلْنَا إعلم ان النَّفس فِي ذَاتهَا جَوْهَر لَيْسَ بمركب الذَّات إِذا أَخذ مَعَ تِلْكَ الملكة الْحَاصِلَة والاستكمال انما يكون من خَارج فَلَيْسَ هُوَ من حَيْثُ يُؤثر يتأثر وَلَا من حَيْثُ يفعل ينفعل وَكَأن هَذَا الاستكمال يفعل فِي جَوْهَر النَّفس صورا فَهُوَ من حَيْثُ أَنه يتَصَوَّر بهَا النَّفس استكمال وَمن حَيْثُ انه يتَمَكَّن بهَا من الِاطِّلَاع على صور أُخْرَى معقولة قُوَّة وَمن حَيْثُ هِيَ لَازِمَة لَا مقومة وَلَا طارئة السُّؤَال السَّادِس عشر
فان قيل قد أثبتم بالبرهان أَن النَّفس من المفارقات فَكيف تنْتَفع بِالْبدنِ وَمَا فِيهِ من الْحس والخيال وَكَيف تكتسب الْعُلُوم بِوَاسِطَة قُوَّة التخيل وَتحصل الْفَضَائِل وتكتسب الرذائل بِوَاسِطَة القوى الْبَدَنِيَّة وَكَيف تُؤثر الطَّاعَات والمواظبة على الْعِبَادَة فِي التَّنْوِير والتصفية وَكَيف تُؤثر الْمعاصِي والانهماك فِي الشَّهَوَات حَتَّى يرتقي مِنْهَا ظلمات إِلَى النَّفس فَيبْطل بهَا الاستعداد الفطري
قُلْنَا هَذَا سُؤال شرِيف والانفصال عَنهُ أشرف مِنْهُ وَإِعْطَاء الْبُرْهَان فِي ذَلِك مُشكل وَإِنَّمَا الطَّرِيق فِيهِ الوجدان والعرفان يَقِينا وَالنَّفس خلقت بالفطرة مستعدة للعلوم والعلوم تحصل فِيهَا بالتدريج فَلَا بُد من اسْتِعْمَال الْفِكر والخيال كَمَا قدمنَا وكما نذْكر بعد ذَلِك من انْتِفَاع النَّفس بالقوى
اما تَأْثِير الطَّاعَات والمعاصي فِي التَّنْوِير والاظلام فَذَلِك لِأَن سَعَادَة النَّفس وَكَمَال جوهرها ان تكون مولية وَجههَا شطر الْحق معرضة عَن الْحَواس منخرطة فِي سلك الْقُدس مستديمة لشروق نور الْحق فِي سرها فَكل مَا يكون مَانِعا من ذَلِك يكون حاطا لَهَا عَن درجتها وتقدر بِقدر مَا تعرض عَن حَضْرَة الْجلَال والالتفات إِلَى جَانب الْقُدس بِاتِّبَاع الشَّهَوَات تعرض عَنْهَا الْأَنْوَار الآلهية

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست