responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 66
قُلْنَا هَذَا انما يشكل أَن لَو كَانَ يَأْخُذهَا خيالية جسمانية أما إِذا كَانَ يَأْخُذهَا مُجَرّدَة فَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَال وقولك بِأَنَّهَا مُفَارقَة والصور جسمانية هَذَا صَحِيح وَلَكِن مَعْلُوم ان بَين النَّفس وَالْبدن علاقَة معقولة يتأثر أَحدهمَا عَن الآخر وَلِهَذَا إِذا تذكر النَّفس جَانب الْقُدس اقشعر الْبدن وَيقف شعره وَكَذَلِكَ النَّفس تتأثر عَن مقتضيات الْبدن من الْغَضَب والشهوة والحس وَغير ذَلِك فَالنَّفْس مهما طالعت الصُّور الخيالية على الْوَجْه الَّذِي يَلِيق بهَا فانه يتأثر عَنْهَا وَإِذا تأثر عَنْهَا استعد لِأَن يفِيض عَلَيْهِ الْمَطْلُوب رَحْمَة من الله ولطفا بِهِ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ان لربكم فِي أَيَّام دهركم نفحات أَلا فتعرضوا لَهَا فَيَنْبَغِي أَن تكون النَّفس متعرضة لنفحات فضل الله حَتَّى يفِيض عَلَيْهَا إِذْ لَيْسَ فِي جود الْجواد الْحق بخل وَلَيْسَ بيدنا تَحْصِيل المعقولات بل التَّعَرُّض لتِلْك النفحات ثمَّ استعداد التَّعَرُّض أَيْضا موهبة إلهية لَا تنَال بيد الِاكْتِسَاب السُّؤَال الْخَامِس
فَإِن قيل مَعْلُوم إِن النَّفس تعقل المعقولات مترتبة مفصلة وَقد قيل إِن مَا يعقل المعقولات المترتبة المفصلة فَلَيْسَ ببسيط وَاحِد من كل وَجه وَقد ثَبت أَن مَا يدْرك المعقولات كَيْفَمَا كَانَ يكون مُجَردا لَا تَقْدِير للانقسام فِيهِ فَالنَّفْس إِمَّا أَن تكون صُورَة مادية فَتكون جسمانية فَيَنْبَغِي أَن لَا تدْرك المعقولات أَو تكون مُجَردا مفارقا فَيكون إِدْرَاكهَا لَا على التَّرْتِيب وَالتَّفْصِيل وَلَيْسَ بَين الْحَالَتَيْنِ مرتبَة أُخْرَى
قُلْنَا صدقت فِيمَا قلت النَّفس تدْرك المعقولات مفصلة ومرتبة وَمَا يدْرك المعقولات مفصلة مرتبَة فَلَيْسَ لَهُ وحدة صرفة وَتَجْرِيد مَحْض إِذْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بعض المعقولات بِالْقُوَّةِ فَفِيهِ مَا بِالْقُوَّةِ وَفِيه مَا بِالْفِعْلِ فالواحد الْحق هوالله سُبْحَانَهُ فَلَا جرم لَيْسَ لَهُ شَيْء منتظر لَا ذَاته وَلَا صِفَاته وَيكون التَّرْكِيب منفيا عَنهُ من كل وَجه قولا وعقلا وَقدرا مَا سواهُ فَلَا يَخْلُو عَن تركيب مَا وان كَانَ من حَيْثُ

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست