اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 64
كثير من الْأَشْيَاء على مَا سيتلى عَلَيْك وَقد يكون عائقا عَن كثير من الاشياء وَذَلِكَ إِذا أكبت على الشَّهَوَات وَمُقْتَضى صِفَات الْبدن واشتغلت بالحواس الظَّاهِرَة والباطنة السُّؤَال الثَّانِي
فان قيل قد قيل إِن النَّفس إِذا حصلت فِيهَا الصُّورَة المعقولة لَا يبطل استعدادها وَمَعْلُوم أَن الاستعداد مَعَ حُصُول الصُّورَة بِالْفِعْلِ لَا يَجْتَمِعَانِ
قُلْنَا هَذَا نوع مغالطة وعماية فان الاستعداد انما يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لم يحصل لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا حصل وَمَا يحصل لنا من المعقولات غير متناه وَلَا يحصل دفْعَة مَا دَامَت النَّفس مَشْغُولَة بِالْبدنِ أَو بِمَا صحبها من عوارض الْبدن بل انما يحصل بِقدر مَا يكْتَسب وبقدر مَا يفِيض عَلَيْهَا من هِدَايَة الله وأنوار رَحمته
نعم قد تكون النَّفس فِي الاستفاضة والاستعداد مُخْتَلفَة فَنَفْس كَأَنَّهُ زَيْت يضيء وَلَو لم تمسسه نَار فَتَطلع على جلايا من المعقولات غير محصورة دفْعَة وَاحِدَة فَيكون الْفَيْض بِهِ متواصلا متواليا متواترا غير مَفْقُود وَأُخْرَى لَهُ تفكر كثيرا لَا يرجع الْفِكر عَلَيْهِ برادة واخرى متوسطة بَينهمَا وَفِي تِلْكَ الأوساط تفَاوت وأعداد ومراتب لَا تحصى وفيهَا يتَفَاوَت النَّاس رفْعَة ودرجة وَعزا وذكرا وقربا من الله تَعَالَى السُّؤَال الثَّالِث
فَإِن قيل مَعْلُوم إِن النَّفس انما تطلع على المعقولات بِوَاسِطَة ملك يُسمى عقلا يفِيض مِنْهُ المعقولات على النَّفس البشرية وَهِي انما تتصل بِهِ بِوَاسِطَة مطالعة الصُّور فِي الخيال أَعنِي الْفِكر وَالنَّظَر وترتيب الْمُقدمَات بَعْضهَا على بعض وَهَذَا انما يكون إِذا كَانَ الْجِسْم والخيال بَاقِيا فَإِذا تعطل الخيال بِالْمَوْتِ فَكيف تتصل
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 64