responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 145
وَاعْلَم أَن هَذِه الاشياء لَيْسَ القَوْل بهَا وَالشَّهَادَة لَهَا هِيَ ظنون امكانية سير اليها من أُمُور عقلية فَقَط وَإِن كَانَ ذَلِك أمرا مُعْتَمدًا لَو كَانَ وَلكنهَا تجارب لما ثبتَتْ طلب اسبابها وَمن حسن الِاتِّفَاق لمحبي الاستبصار أَن يعرض لَهُم هَذِه الْأَحْوَال فِي انفسهم أَو يشاهدوها مرَارًا مُتَوَالِيَة فِي غَيرهم حَتَّى يصير ذَلِك ذوقا فِي اثبات امور عَجِيبَة لَهَا وجود وَصِحَّة وداعيا لَهُ إِلَى طلب سَببهَا فانه إِذا اقْترن الذَّوْق بِالْعلمِ كَانَ ذَلِك من أحسن الْفَوَائِد وَأعظم العوائد وَالله ولي التَّوْفِيق
خَاتِمَة مَا أفضل النَّوْع البشري

فأفضل النَّوْع البشري من أُوتِيَ الْكَمَال فِي حدس القوى النظرية حَتَّى اسْتغنى عَن الْمعلم البشري اصلا وأوتي للقوة المتخيلة استقامة وهمة لَا يلْتَفت إِلَى الْعَالم المحسوس بِمَا فِيهِ حَتَّى يُشَاهد الْعَالم النفساني بِمَا فِيهِ من احوال الْعَالم ويستثبتها فِي الْيَقَظَة فَيصير الْعَالم وَمَا يجْرِي فِيهِ متمثلا لَهَا ومنتقشا بهَا وَيكون لقُوته النفسانية أَن تُؤثر فِي عَالم الطبيعة حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى دَرَجَة النُّفُوس السماوية
ثمَّ الَّذِي لَهُ الْأَمْرَانِ الْأَوَّلَانِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَمر الثَّالِث ثمَّ الَّذِي لَهُ هَذَا التهيؤ الطبيعي فِي الْقُوَّة النظرية دون العلمية ثمَّ الَّذِي يكْتَسب هَذَا الاستكمال فِي الْقُوَّة النظرية وَلَا حِصَّة لَهُ فِي أَمر الْقُوَّة العلمية من الْحُكَمَاء الْمَذْكُورين ثمَّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْقُوَّة النظرية لَا تهيؤ طبيعي وَلَا اكْتِسَاب تكلفي وَلَكِن لَهُ التهيؤ فِي الْقُوَّة العلمية فالرئيس الْمُطلق وَالْملك الْحَقِيقِيّ الَّذِي يسْتَحق بِذَاتِهِ أَن يملك هُوَ الأول من الْعدة الْمَذْكُورين الَّذِي إِن نسب نَفسه إِلَى عَالم الْعقل وجد كَأَنَّهُ يتَّصل بِهِ دفْعَة وَاحِدَة وَإِن نسب إِلَى عَالم النَّفس وجد كَأَنَّهُ من سكان ذَلِك الْعَالم وَإِن نسب نَفسه إِلَى عَالم الطبيعة كَانَ فعالا فِيهِ مَا يَشَاء وَالَّذِي يتلوه أَيْضا رَئِيس كَبِير بعده فِي الْمرتبَة وَالْبَاقُونَ هم اشراف النَّوْع الانساني وكرامه
واما الَّذين لَيْسَ لَهُم استكمال شَيْء من القوى إِلَّا انهم يصلحون الْأَخْلَاق ويقتنون الملكات الْفَضِيلَة فهم الاذكياء من النَّوْع الانساني لَيْسُوا من ذَوي الْمَرَاتِب الْعَالِيَة إِلَّا انهم متميزون من سَائِر اصناف الانسان

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست