responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 140
مصروفة فيكثر رفضهم للحس وَإِذا كَانَ كَذَلِك فقد يتَّفق أَن لَا تشتغل هَذِه الْقُوَّة بالحواس اشتغالا مُسْتَغْرقا ويعرض لَهَا أدنى سُكُون عَن حركاتها المضطربة ويسهل أَيْضا انجذابها مَعَ النَّفس الناطقة فَيعرض لِلْعَقْلِ العملي إطلاع إِلَى أفق عَالم النَّفس الْمَذْكُور فيشاهد مَا هُنَاكَ ويتأدى مَا يُشَاهِدهُ إِلَى الخيال فَيظْهر فِيهِ كالمشاهد المسموع فَحِينَئِذٍ إِذا أخبر بِهِ الممرور وَخرج وفْق مقاله يكون قد تكهن بالكائنات الْمُسْتَقْبلَة والآن فَيجب أَن نختم هَذَا الْبَيَان فقد أدينا فِيهِ نكت الْأَسْرَار المكتومة وَالله الْمُوفق
فان قَالَ قَائِل إِذا كَانَ أَصْحَاب الْجِنّ والكهنة والعرافون وَبَعض المجانين رُبمَا يخبرون عَن الْغَيْب وَيصدق خبرهم وينذرون بِالْآيَاتِ ويتحقق أَثَرهَا فبطلت الخاصية النَّبَوِيَّة
فَالْجَوَاب أَن نقُول قد بَينا قبل ذَلِك فِي البيانات الْمُتَقَدّمَة أَن التخيل فِي الْحَيَوَانَات على تفَاوت وتفاضل وتضاد وترتب حَتَّى قَالَ بعض الْحُكَمَاء إِن أَعلَى درجاته أَن تصل النَّفس إِلَى النَّفس الَّتِي هِيَ مُدبر فلك الْقَمَر الَّذِي هُوَ واهب الصُّور وَلَوْلَا أَن الجزئيات من الموجودات الكائنة الْفَاسِدَة متصورة متخيلة فِي ذَات النَّفس الفلكي لما أَفَاضَ على كل مَادَّة مَا تستحقه من الصُّور وَلَا مَانع لَهَا من تصور اللوازم الْجُزْئِيَّة لحركاتها الْجُزْئِيَّة من الكائنات عَنْهَا فِي الْعَالم العنصري وَكَأَنَّهُ بِهَذَا الْمَعْنى صَار للأجسام السماوية زِيَادَة معنى على الْعقل المفارق لتظاهر رَأْي جزئي وَآخر كلي وَإِن كَانَ الرَّأْي الْكُلِّي مستمدا من الْعُقُول فاذا فهمت هَذَا فللنفوس البشرية أَن تنتقش من ذَلِك الْعَالم بِحَسب الاستعداد وَزَوَال الْمَانِع وَتَكون كالمرآة الْمُقَابلَة للنَّفس الفلكي حَتَّى يَقع فِيهَا جَمِيع مَا فِي النَّفس الفلكي فالى هَذَا الْحَد عظموا امْر الخيال
واما فِي جَانب السّفل فالى حَيَوَان عديم التخيل اَوْ ضَعِيف التخيل سريع النسْيَان لَا يُمكنهُ ان يستثبت الصُّورَة سَاعَة اَوْ لَحْظَة بل يَتَجَدَّد لَهُ الخيالات

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست