اسم الکتاب : مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية المؤلف : عثمان جمعة ضميرية الجزء : 1 صفحة : 252
من تصور أن له نوعا من السلطة على هذا الكون.
ثم إن الذي يدعو غير الله، ويفزع إليه في حاجاته، بعد إيمانه بالله العلي الأعلى، لا يبعثه على ذلك إلا اعتقاده فيه أن له شركا في ناحية من نواحي السلطة "حكم الله" والألوهية.
وعلى غرار ذلك: من يتخذ حكم أحد من دون الله قانونا، ويتلقى أوامره ونواهيه شريعة متبعة، فإنه أيضا يعترف بسلطته القاهرة.
فخلاصة القول: إن أصل الألوهية وجوهرها هو السلطة "حكم الله" سواء كان يعتقدها الناس من حيث إن حكمها على هذا العالم حكم مهيمن على قوانين الطبيعة، أو من حيث إن الإنسان في حياته الدنيا مطيع لأمرها، وتابع لإرشادها، وأن أمرها -في حد ذاته- واجب الطاعة والإذعان[1].
دعوة إلى توحيد العبودية والألوهية:
ولئن كان الجاهليون في كل عصر من عصورهم -إلا في عصر فسدت فيه الفطرة فارتكست, وارتدت إلى أسفل سافلين- يشهدون لله تعالى بالهيمنة على شئون العالم في الخلق والملك والإحياء والإماتة، وفي الرزق، وفي تصريف أمور الكون وتدبير ما فيه.. على حد ما اعترف به كفار مكة الذين واجههم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين حكى الله عنهم ذلك فقال:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ، اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ [1] انظر: "المصطلحات الأربعة في القرآن" ص13-23.
اسم الکتاب : مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية المؤلف : عثمان جمعة ضميرية الجزء : 1 صفحة : 252