مذهب السالمية:
أما السالمية فقد قالوا: إن صفة الكلام من الصفات القديمة القائمة بذات ـ الرب جل وعلا ـ لم يزل ولا يزال، لا يتعلق بقدرته ومشيئته، ومع ذلك يقولون: بأنه حروف وأصوات وسور وآيات، سمعه جبريل منه، وسمعه موسى بلا واسطة ويسمعه ـ سبحانه ـ من يشاء، وإسماعه نوعان بواسطة، وبغير واسطة ومع ذلك فحروفه وكلماته لا يسبق بعضها بعضاً بل هي مقترنة الباء مع السين مع الميم في آن واحد لم تكن معدومة، في وقت من الأوقات، ولا تعدم بل لم تزل قائمة بذاته ـ سبحانه ـ قيام صفة الحياة والسمع والبصر1.
ثم إنهم اختلفوا في الأصوات المسموعة هل هي من القارئ أم لا؟.
فذهب جمهورهم إلى أن تلك الأصوات المسموعة من القارئين.
وقال قوم: بأن الصوت يسمع من القارئ ثم قد يقولون تارة أن القديم نفس الصوت المسموع من القارئ.
وبعضهم يقولون: "إنه يسمع من القارئ صوت قديم، ومحدث" أ. هـ2.
مذهب الاتحادية والحلولية:
أما الاتحادية والحلولية فقد زعموا: بأن كل كلام في الوجود كلام الله نظمه، ونثره، حقه وباطله، سحره وكفره، خيره، وشره، فكل ذلك عين كلام الله ـ تعالى ـ القائم به، وهذا المذهب بنوه على أصلهم الذي أصلوه وهو اتحاد الخالق بالخلق وأن الله ـ سبحانه ـ هو عين الوجود، فصفاته هي صفات الله، وكلامه هو كلام الله، وأصل هذا المذهب، إنكار مباينة الله لخلقه وعلوه واستوائه على عرشه، ولما أصلوا لأنفسهم القول بأن الله في كل مكان وأنه ـ سبحانه ـ غير مباين لهذا العالم بل هو عين هذا العالم فله حينئذٍ كل اسم حسن وقبيح وكل صفة كمال ونقص، وكل كلام حق وباطل نعوذ بالله من ذلك.
1- مجموعة الرسائل والمسائل 3/33، مختصر الصواعق المرسلة 2/293، مجموع الفتاوى 12/166.
2- مجموع الفتاوى 12/166 ـ 167.