وبهذا المذهب الأشعري قال الماتريدية في صفة الكلام1.
ثم إن مذهب الأشاعرة والماتريدية في صفة الكلام بعيد كل البعد عن مذهب السلف وقريب كل القرب من مذهب الجهمية والمعتزلة كما صرح الإيجي بذلك حيث قال: "قالت المعتزلة أصوات، وحروف يخلقها الله في غيره كاللوح المحفوظ أو جبريل، أو النبي، وهو حادث، وهذا لا ننكره، لكنا نثبت أمراً وراء ذلك وهو المعنى القائم بالنفس"2 فلقد صدق العلماء في تسميتهم أفراخ المعتزلة".
مذهب الكرامية:
أما الكرامية فقد قالوا: إن كلام ـ الباري سبحانه ـ حروف وأصوات وأنه متعلق بالمشيئة والقدرة قائم بذات ـ الرب تعالى ـ تكلم به بعد أن لم يكن متكلماً وأنه لا مانع أن توجد الحوادث للصانع ـ جل وعلا ـ بعد أن تكلم، فوجود الكلام عندهم في الأزل ممتنع كوجود الأفعال، وكذلك إن الكلام ممتنع أن يكون مخلوقاً في غيره والله ـ تعالى ـ متكلم بمشيئته وقدرته فيكون كلامه حادثاً كان بعد أن لم يكن"3.
وذكر البزدوي مذهب الكرامية فقال: "وعند الكرامية الله ـ تعالى ـ متكلم على الحقيقة بكلام حادث قائم به، وأنهم يجوزون حدوث الأشياء بالله ـ تعالى ـ"4.
وقول هؤلاء الكرامية مشتمل على حق وباطل فإثباتهم كلاماً وفعلاً حقيقة قائمين بذات المتكلم الفاعل هذا حق، وأما زعمهم أن ـ الباري جل وعلا ـ تكلم بعد أن لم يكن متكلماً فهذا عين الباطل، لأن الكلام من صفات الكمال، وهو ـ سبحانه ـ متصف بصفات الكمال أزلاً وأبداً.
1- انظر التوحيد للماتريدي ص58 ـ 59، أصول الدين للبزدوي ص55، شرح العقائد النسفية ص89.
2- المواقف ص294.
3- مجموع الرسائل والمسائل 3/455، منهاج السنة النبوية 1/221، لوامع الأنوار البهية 1/137، شرح الطحاوية ص180، أصول الدين للبزدوي ص56.
4- أصول الدين ص56.