قال ابن جرير: "اختلف القراء في قراءة {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} فقرأ ذلك بعض قراء المدينة وقرأ عامة قرّاء الكوفة {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عِبادَهُ} على الجمع بمعنى أليس الله بكاف محمداً وأنبياءه من قبله ما خوفهم أممهم من أن تنالهم آلهتهم بسوء.... وبعض قراء الكوفة {بِكَافٍ عَبْدَهُ} على التوحيد بمعنى: أليس الله بكاف عبده محمداً ... إلى أن قال: قال ابن زيد في قوله {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} قال: بلى، والله ليكفينه الله ويعزه وينصره كما وعده" أ. هـ1. وقال ابن كثير: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} وقرأ بعضهم {عِِبادَهُ} يعني: أنه ـ تعالى ـ يكفي من عبده وتوكل عليه"أ. هـ2. وقال أبو عبد الله القرطبي "وقراءة العامة {عَبْدَهُ} بالتوحيد يعني محمداً صلى الله عليه وسلم يكفيه الله وعيد المشركين وكيدهم، وقرأ حمزة والكسائي: {عِِبادَهُ} وهم الأنبياء أو الأنبياء والمؤمنون بهم" أ. هـ3.
وأما قوله تعالى في الآية الثانية: {قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} أمر الله نبيه بأن يقول: للمشركين بعد أن تبين بالدليل القاطع على أنه وحده المعبود وأنه الخالق لجميع المخلوقات النافع الضار وحده وأن غيره عاجز من جميع الوجوه عن الخلق والنفع والضر مستجلباً كفايته ومستدفعاً مكر المشركين وكيدهم {قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} أي: عليه يعتمد المعتمدون في جلب المصالح ودفع المضار فالله هو الذي بيده وحده الكفاية هو حسبي سيكفيني كل ما أهمني وما لا أهتم به.
قال ابن جرير: "فقل حسبي الله مما سواه من الأشياء كلها إياه أعبد وإليه أفزع في أموري دون كل شيء سواه فإنه الكافي وبيده الضر والنفع لا إلى الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع. {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} يقول: على الله يتوكل من هو متوكل وبه فليتق لا بغيره" أ. هـ4.
وقال الرازي: حول الآية: "وإذا ثبت أن هذه الأصنام لا قدرة لها على الخير والشر وإذا كان الأمر كذلك كانت عبادة لله كافية، وكان الاعتماد عليه كافياً وهو المراد من قوله:
1- جامع البيان 24/5 ـ 6.
2- تفسير القرآن العظيم 6/94.
3- الجامع لأحكام القرآن 5/257.
4- جامع البيان 24/7.