الله: هو الثقة به، والاعتماد عليه وتفويض الأمر إليه، والاستعانة به في كل شأن، والإيقان بأن قضاءه نافذ والسعي فيما لا بد منه من المطعم والملبس والمسكن والاحتراس من العدو مطلوب كما هو منهج الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام.
قال العلامة ابن القيم معرفاً التوكل:
"هو اعتماد القلب على الله وحده، فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها، كما لا ينفعه قوله: توكلت على الله مع اعتماده على غيره وركونه إليه، وثقته به، فتوكل اللسان شيء وتوكل القلب شيء، كما أن توبة اللسان مع إصرار القلب شيء، وتوبة القلب وإن لم ينطق اللسان شيء فقول العبد: توكلت على الله، مع اعتماد قلبه على غيره مثل قوله: "تبت إلى الله" وهو مصر على معصيته مرتكب لها" اهـ1.
ولقد دلت السورة على أن التوكل عبادة تعبد الله به عباده وأمرهم بأن يعتمدوا عليه وحده دون سواه في آيتين منها:
قال تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} .
وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} .
هاتان الآيتان: من السورة بينتا أن الله تعالى هو الكافي وهو الذي يتوكل عليه وحده لا شريك له.
فالآية الأولى وهي قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} الآية بين الله تعالى فيها بأنه سيكفي عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم كل ما أهمه في أمر دينه ودنياه ويدفع عنه كل من أراده بسوء كائناً من كان وما دام الله هو الكافي لعبده فمن الضلال والغنيّ أن يخوفه المشركون بأصنامهم وأوثانهم أن تناله بسوء إذ أنها جمادات لا تقدر على جلب نفع أو دفع ضر بحال من الأحوال.
1- الفوائد ص86.