responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 428
يَعْنِي سَلْبَهُمُ اسْمَ الْإِيمَانِ جَمِيعِهِ - قَوْلَهُ وَلَا قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْفُسَّاقَ الَّذِينَ لَيْسُوا مُنَافِقِينَ مَعَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْإِيمَانِ يَخْرُجُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ، وَالْمُنَافِقِينَ، لَكِنْ إِذَا كَانَ مَعَهُ بَعْضُ الْإِيمَانِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْإِسْلَامِ الْمُطْلَقِ الْمَمْدُوحُ وَصَاحِبُ الشَّرْعِ قَدْ نَفَى الِاسْمَ عَنْ هَؤُلَاءِ فَقَالَ: " «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» "، وَالْمُعْتَزِلَةُ يَنْفُونَ عَنْهُ اسْمَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَقُولُونَ: يَخْلُدُ فِي النَّارِ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ لَا بِشَفَاعَةٍ لَا بِغَيْرِهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَكَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ مُتَّفِقَةً أَنَّهُ قَدْ سُلِبَ كَمَالَ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ فَزَالَ بَعْضُ إِيمَانِهِ الْوَاجِبِ، وَإِنَّمَا يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ مَنْ يَقُولُ الْإِيمَانُ لَا يَتَبَعَّضُ كالْجَهْمِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ، فَيَقُولُونَ عَنْ مِثْلِ هَذَا: إِنَّهُ كَامِلُ الْإِيمَانِ لَكِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَحَقِيقَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالدِّينِ أَنَّ الْإِسْلَامَ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ، وَبَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، فَأَصْلُهُ فِي الْقَلْبِ وَهُوَ الْخُضُوعُ لِلَّهِ وَحْدَهُ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ، فَمَنْ عَبَدَهُ وَعَبَدَ مَعَهُ إِلَهًا آخَرَ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، وَمَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ بَلِ اسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، وَالْإِسْلَامُ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ وَهُوَ الْخُضُوعُ لَهُ، وَالْعُبُودِيَّةُ لَهُ.
هَكَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَزَاهُ لِأَهْلِ اللُّغَةِ، فَالْإِسْلَامُ فِي الْأَصْلِ مِنْ بَابِ الْعَمَلِ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَالْجَوَارِحِ، وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَأَصْلُهُ تَصْدِيقٌ وَإِقْرَارٌ وَمَعْرِفَةٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِ الْقَلْبِ الْمُتَضَمِّنِ عَمَلَ الْقَلْبِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ التَّصْدِيقُ، وَالْعَمَلُ تَابِعٌ لَهُ ; فَلِهَذَا فَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِيمَانَ بِإِيمَانٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَفَسَّرَ الْإِسْلَامَ بِإِسْلَامٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْمَبَانِي الْخَمْسُ، وَهَكَذَا فِي سَائِرِ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -: وَمِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ مِمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ - أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ، فَلِمَاذَا قَالَ الْإِسْلَامُ هَذِهِ الْخَمْسُ؟ وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ هَذِهِ أَظْهَرُ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَأَعْظَمُهَا وَبِقِيَامِهِ بِهَا يَتِمُّ اسْتِسْلَامُهُ وَتَرْكُهُ لَهَا يُشْعِرُ بِانْحِلَالِ قَيْدِ انْقِيَادِهِ، قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الدِّينَ الَّذِي هُوَ اسْتِسْلَامُ

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 428
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست